الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً >>
قصائدأحمد شوقي
سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
أحمد شوقي
- سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
- تضَّوع كافوراً من الخلد ساريا
- يطيب ثرى بردينَ من نفح طيبه
- كأن ثرى بردينَ مسّ الغواليا
- فيا لَكَ غِمداً من صَفيحٍ وجَنْدَلٍ
- حوَى السيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانيا
- وكنا استلَلْنا في النوائب غَرْبَهُ
- فلم يلفَ هيّاباً، ولم يلف نابيا
- إذا اهتزَّ دونَ الحقِّ يَحمي حِياضَه
- تأَخَّر عنها باطلُ القومِ ظاميا
- طوتهُ يدٌ للموت، لا الجاهُ عاصماً
- إذا بطشتْ يوماً، ولا المالُ فاديا
- تنالُ صبا الأعمار عند رفيقه
- وعندَ جفوفِ العودِ في السنِّ ذاويا
- وبعضُ المنايا تُنْزلُ الشَّهْدَ في الثرى
- ويحططنَ في الترب الجبالَ الرواسيا
- يقولو: يرثي الراحلين، فويحهم!
- أأملتُ عندَ الراحلين الجوازيا؟
- أبوا حسداً أن أجعل الحيَّ أسوة ً
- لهم، ومثالاً قد يصادفُ حاذيا
- فلمّا رثيتُ الميتَ أقضي حقوقه
- وجدتُ حسوداً للرُّفاتِ وشانيا
- إذا أَنت لم ترْعَ العهودَ لهالكٍ
- فلستَ لحيٍّ حافظَ العهد راعيا
- فلا يطوين الموتُ عهدك من أخٍ
- وهبهُ بوادٍ غيرِ واديك نائيا
- أَقام بأَرضٍ أَنت لاقِيه عندَها
- وإن بتما تستبعدان التلاقيا
- رَثيْتُ حياة ً بالثناءِ خليقة ً
- وخليتُ عهداً بالمفاخر حاليا
- وعزَّيْتُ بيتاً قد تبارَتْ سماؤُه
- مشايخَ أقماراًن ومرداً دراريا
- إلى الله إسماعيلُ وانزِلْ بساحة ٍ
- أظلَّ الندى أقطارها والنواحيا
- تَرَى الرحمة َ الكبرى وراءَ سمائها
- تَلُفُّ التُّقى في سَيْبِها والمَعاصيا
- لدى ملكٍ لا يمنع الظلَّ لائذاً
- ولا الصفحَ تواباً، ولا العفوَ راجيا
- وأقسمُ كنتَ المرءَ لم ينسَ دينه
- ولم تلههِ دنياؤه وهيَ ماهيا
- وكنتَ إذا الحاجاتُ عزَّ قضاؤها
- لحاجِ اليتامى والأَراملِ قاضيا
- وكنتَ تُصلِّي بالملوكِ جماعة ً
- وكنت تقوم الليلَ بالنفس خاليا
- ومَن يُعْطَ من جاهِ الملوك وَسِيلة ً
- فلا يصنع الخيراتِ، لم يعطَ غاليا
- وكنتَ الجريءَ النَّدْبَ في كلِّ موقفٍ
- تلفَّتَ فيه الحقُّ لم يَلْقَ حاميا
- بصرتُ بأخلاقِ الرجالِ فلم أجدْ
- ـ وإن جَلَت الأَخلاقُ ـ للعزم ثانيا
- من العزمِ ما يُحيي فُحولاً كثيرة ً
- وقدَّمَ كافورَ الخَصِيّ الطَّواشِيا
- وما حطَّ مِنْ رَبِّ القصائد مادحاً
- وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا
- فليس البيانُ الهجوَ إن كنت ساخطاً
- ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا
- ولكنْ هدى الله الكريمِ ووحيه
- حَملتَ به المصباحَ في الناسِ هادِيا
- تُفيض على الأَحياءِ نوراً، وتارة ً
- تضيءُ على الموتى الرَّجامَ الدَّواجيا
- هياكلُ تفنى ، والبيانُ مخلدٌ
- أَلا إنّ عِتْقَ الخمرِ يُنْسِي الأَوانيا
- ذهبْت أَبا عبدِ الحميدِ مُبَرَّءاً
- من الذَّام، محمودَ الجوانبِ، زاكيا
- قليلَ المساوي في زمانٍ يرى العلا
- ذُنوباً، وناسٍ يَخْلُقون المساويا
- طوَيناك كالماضي تَلقَّاه غِمدُه
- فلم تسترح حتى نشرناك ماضيا
- فكنتَ على الأَفواه سيرة َ مُجمِلٍ
- وكنت حديثاً في المسامع عاليا
- وفيتَ لمن أدناكَ في الملك حقبة ً
- فكانَ عجيباً أَن يَرى الناسُ وافيا
- أَثاروا على آثار مَوْتِكَ ضَجّة ً
- وهاجُوا لنا الذكرى ، وَردُّوا اللياليا
- ومن سابقَ التاريخَ لم يأمن الهوى
- مُلِجّاً، ولم يَسلَم منَ الحِقْدِ نازيا
- إذا وضعَ الأحياءُ تاريخَ جيلهم
- عَرفتَ المُلاحي مِنهمُ، والمُحابيا
- إذا سلم الدستور هان الذي مضى
- وهان من الأحداثِ ما كان آتيا
- أَلا كلُّ ذَنْب لِليالي لأَجله
- سدلنا عليه صفحنا والتناسيا
المزيد...
العصور الأدبيه