الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد >>
قصائدأحمد شوقي
أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد
أحمد شوقي
- أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد
- وألقى عَصاه المضافُ الشَّريد
- وأمسى جماداً عدوُّ الجمود
- وباتَ على القيد خَصمُ القيود
- حداه السفارُ إلى منزلٍ
- يلاقي الخفيفَ عليه الوئيد
- فقرَّ إلى موعدٍ صادقٍ
- معزُّ اليقينِ مذلُّ الجحود
- وباتَ الحواريُّ من صاحبيهِ
- شَهيدَيْن أَسْرَى إليهم شهيد
- تسربَ في منكبيْ مصطفى
- كأمسِ ، وبينَ ذراعيْ فريد
- فيا لَكَ قبراً أكَنّ الكنوزَ
- وساجَ الحقوقَ، وحاط العهود
- لقد غيَّبوا فيك أَمضى السيوفِ
- فهل أنت يا قبرُ أوفى الغمود ؟
- ثَلاثُ عقائدَ في حفرة ٍ
- تَدُكُّ الجبالَ، وتُوهِي الحديد
- فعدنَ فكنّ الأساس المتينَ
- وقام عليها البناءُ المشيد
- فلا تنسَى أمسِ وآلاءَه
- ألا إن أمسِ أساسُ الوجود
- ولولا البلى في زوايا القبورِ
- لما ظهرَتْ جِدّة ٌ للمُهود
- ومَنْ طلب الخُلْقَ من كنزه
- فإن العقيدة َ كنزٌ عَتيد
- تعلمَ بالصبرِ ، أو بالثباتِ
- جليدُ الرجالِ ، وغيرُ الجليد
- طريدَ السياسة ِ منذُ الشبابِ
- لقد آن يستريح الطريد
- لقيت الدواهيَ من كيدها
- وما كالسياسة داهٍ يكيد
- حَمَلْتَ على النفس ما لا يطا
- قُ، وجاوزَتِ المستطاعَ الجهود
- وقلبتَ في النار مثلَ النضا
- رِ ، وعربتَ مثلَ الجمانِ الفريد
- أَتذكر إذْ أَنتَ تحت اللواءِ
- نبيهَ المكانة ِ ، جمَّ العديد؟
- إذا ما تطلَّعْتَ في الشاطئين
- ربا الريفُ ، وافتنّ فيك الصعيد
- وهزّ النديُّ لك المنكبينِ
- وراحَ الثرى من زحامٍ يَميد
- رسائلُ تذري بسجع البديعِ
- وتنسي رسائلَ عبدِ الحميد
- يَعِيها شيوخُ الحِمى كالحديث
- ويحفظها النشءُ حفظ النشيد
- فما بالُها نَكِرَتْها الأُمورُ
- وطول المدى ، وانتقال الجدود ؟
- لقد نسيَ القومُ أمسِ القريبَ
- فهل لأحاديثه من معيد ؟
- يقولون : ما لأبي ناصرٍ
- وللتُّرْكِ؟ ما شأْنُه والهنود؟
- وفِيمَ تحمَّل هَمَّ القريبِ
- من المسلمينَ وهمَّ البعيد ؟
- فقلتُ: وما ضرّكم أَن يَقومَ
- من المسلمين إمامٌ رشيد ؟
- أَتستكثرون لهم واحداً
- وَلِيَّ القديم نصيرَ الجديد؟
- سعى ليؤلف بينَ القلوبِ
- فلم يَعْدُ هَدْيَ الكتابِ المجيد
- يَشُدُّ عُرَى الدينِ في داره
- ويدعو إلى الله أهلَ الجحود
- وللقومِ حتى وراءه القفارِ
- دعاة ٌ تغني ، ورسلٌ تشيد
- جزى الله مَلْكاً من المحسنين
- رؤوفُ الفؤادِ ، رحيمُ الوريد
- كأَنَّ البيانَ بأَيامه
- أَو العِلْمَ تحتَ ظلالِ الرشيد
- يداوي نداه جراحَ الكرامِ
- ويدركهم في زوايا اللحود
- أَجارَ عِيالَك من دهرهم
- وجاملهم في البلاءِ الشديد
- تولى الوليدة في يتمها
- وكفكفَ بالعطف دمعَ الوليد
- سلامٌ أَبا ناصرٍ في التراب
- يعيرُ الترابَ رفيفَ الورود
- بعدتَ وعزَّ إليكَ البريدُ
- وهل بينَ حيٍّ وميتٍ بريد؟
- أجلْ ، بيننا رسلُ الذكرياتُ
- وماضٍ يطيفُ ، ودمعٌ يجود
- وفكرٌ وإن عقلَتْه الحياة ُ
- يَظَلُّ بوادي المنايا يَرود
- أجلْ ؛ بيننا الخشبُ الدائباتُ
- وإن كان راكبها لا يعود
- مضى الدهرُ وهْيَ وراءَ الدموعِ
- قيامٌ بمُلْكِ الصَّحارى قُعود
- وكم حملَتْ من صَديدٍ يَسيلُ
- وكم وضعتْ من حناشٍ ودود
- نَشَدْتُكَ بالموت إلا أَبنْتَ
- أأنتَ شقيٌّ به أم سعيد؟
- وكيف يُسَمَّى الغريبُ امرؤٌ
- نَزِيلُ الأُبُوّة ِ، ضَيْفُ الجُدود؟
- وكيف يقال لجار الأوائ
- لِ جارِ الأواخرِ : ناءٍ وحيد؟
المزيد...
العصور الأدبيه