الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد شوقي >> خلقنا للحياة ِ وللمماتِ >>
قصائدأحمد شوقي
خلقنا للحياة ِ وللمماتِ
أحمد شوقي
- خلقنا للحياة ِ وللمماتِ
- ومن هذين كلُّ الحادثاتِ
- ومنْ يولدْ يعش ويمتْ كأن لمْ
- يَمُرّ خيالُهُ بالكائنات
- ومَهْدُ المرءِ في أَيدي الروَاقي
- كنعش المرءِ بينَ النائحات
- وما سَلِمَ الوليدُ من اشْتكاء
- فهل يخلو المعمَّرُ من أَذاة ؟
- هي الدنيا، قتالٌ نحن فيه
- مقاصدُ للحُسام وللقَناة
- وكلُّ الناس مدفوعٌ إليه
- كما دفعَ الجبانُ إلى الثباتِ
- نروَّعُ ما نروَّعُ، ثم نرمى
- بسهمٍ من يدِ المقدورِ آتي
- صلاة ُ الله يا تمزارُ تجزِي
- ثَراكِ عن التِّلاوة ِ والصَّلاة
- وعن تسعين عاماً كنتِ فيها
- مثالَ المحسناتِ الفصليات
- بَررتِ المؤمناتِ، فقال كلٌّ:
- لعلكِ أنتِ أمُّ المؤمنات
- وكانت في الفضائل باقياتٌ
- وأَنتِ اليومَ كلُّ الباقيات
- تبنَّاكِ الملوكُ، وكنتِ منهم
- بمنزلة البنين أو البنات
- يظلُّون المناقبَ منكِ شتَّى
- ويُؤوُونَ التُّقَى والصالحات
- وما ملكوكِ في سوقٍ، ولكنْ
- لدى ظلِّ القنا والمرهفات
- عَنَنْتِ لهم بمُورَة َ بنتَ عشرٍ
- وسيفُ الموتِ في هام الكُمَاة ِ
- فكنتِ لهم وللرّحمن صيداً
- وواسطة ً لِعقْدِ المسلمات
- تبعتِ محمداً من بعد عيسى
- لخيركِ في سنيكِ الأُولَيات
- فكان الوالدان هدى وتقوى
- وكان الولدُ هذي المعجزات
- ولو لم تَظْهري في العُرْبِ إلاّ
- بأحمدَ كنتِ خيرَ الوالدات
- تجاوزتِ الولائدَ فاخراتٍ
- إلى فخر القبائل واللغات
- وأَحكم مَنْ تَحَكَّمَ في يَراعٍ
- وأَصْوَنِ صائنٍ لأَخيه عِرْضاً
- وأحفظِ حافظٍ عهدَ اللدات
- وأَقتلِ قاتلٍ للدَّهرِ خُبْراً
- وأَصْبَرِ صابرٍ للغاشيات
- كأني والزمانُ على قتالٍ
- مُساجلة ً بميدان الحياة
- أخاف إذا تثاقلت الليالي
- وأشفق من خفوف النائبات
- وليس بنافعي حذري، ولكنْ
- إباءً أَن أَراها باغِتات
- أَمأْمونٌ من الفَلَكِ العوادي
- وبرجلُهُ يَخُطُّ الدائرات؟
- تأَمَّلْ: هل ترى إلا شِباكاً
- من الأَيام حَوْلَكَ مُلْقَيات؟
- ولو أن الجهاتِ خلقن سبعاً
- لكان الموتُ سابعة َ الجهات
- لعاً للنعش، لا حبُّاً، ولكنْ
- لأَجْلِكِ يا سماءَ المَكْرُمات
- ولا خانته أَيدي حامِليه
- وإن ساروا بصبري والأناة
- فلم أرَ قبله المريخَ ملقى
- ولم أسمع بدفن النيرات
- هناكَ وقفتُ أسألكِ إتئاداً
- وأُمسِكُ بالصفات وبالصّفاة
- وأنظرُ في ترابكِ، ثم أغضي
- كما يُغضِي الأَبِيُّ على القَذاة
- وأَذكر من حياتِك ما تقضَّى
- فكان من الغداة إلى الغداة
المزيد...
العصور الأدبيه