الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> نشيد الجبار ( هكذا عنى بروميثيوس ) >> 
 
قصائدأبو القاسم الشابي
نشيد الجبار ( هكذا عنى بروميثيوس ) 
 أبو القاسم الشابي 
 
-  سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ  
 -  كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ  
 -  أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً  
 -  بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ  
 -  لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى  
 -  ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ...  
 -  وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ،  
 -  غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ  
 -  أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها  
 -  وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي  
 -  وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي  
 -  يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ  
 -  وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني  
 -  عن حرب آمالي بكل بلاءِ:  
 -  "-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي  
 -  موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ  
 -  «فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ  
 -  سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ»  
 -  لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا،  
 -  وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء  
 -  «ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً  
 -  بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي  
 -  واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ،  
 -  وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ  
 -  وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ  
 -  رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ»  
 -  «سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً  
 -  قيثارتي، مترنِّما بغنائي»  
 -  «أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ  
 -  في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»  
 -  النّور في قلبِي وبينَ جوانحي  
 -  فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»  
 -  «إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي  
 -  أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»  
 -  «وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ  
 -  إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ»  
 -  أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى  
 -  عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي»  
 -  «وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي  
 -  قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ  
 -  فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ  
 -  عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ»  
 -  «لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ  
 -  وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ"  
 -  وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا  
 -  هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي  
 -  ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً  
 -  فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي  
 -  وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما  
 -  وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي  
 -  ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا  
 -  لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي  
 -  إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ  
 -  وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:  
 -  "إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي  
 -  والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي  
 -  «فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا  
 -  يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي»  
 -  «وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى  
 -  بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ»  
 -  «ورأيتموني طائراً، مترنِّماً  
 -  فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي  
 -  «فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا  
 -  خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..»  
 -  وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا  
 -  عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ»  
 -  «وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي  
 -  وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي»  
 -  أما أنا فأجيبكم من فوقِكم  
 -  والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي:  
 -  مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه  
 -  لم يحتفِلْ بحجارَة ِ الفلتاء"  
 
 
 
المزيد...
العصور الأدبيه