الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أبو القاسم الشابي >> أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟ >>
قصائدأبو القاسم الشابي
- أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟
- ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ
- وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ؟
- وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ؟
- وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ
- وينحلُّ صَدْرٌ، بديعٌ، وَجِيدْ
- وتربدُّ تلكَ الوحوهُ الصًّباحُ
- وكلٌّ ـ إذا ما سألنا الحياة ـ
- ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ
- أنيقُ الغدائر، جعدٌ، مديدْ
- ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ
- هباءً، حقيراً، وتُرْباً، زهيدْ
- وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ
- وسُكرُ الشَّبابِ، الغريرِ، السّعيدْ
- أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ؟
- ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ؟
- وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى ؟
- ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ؟
- ويقضِي صَباحُ الحياة ِ البديعُ؟
- وليلُ الوجودِ، الرّهيبُ، العَتيدْ؟
- وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ؟
- وبدرٌ يضيءُ، وغَيمٌ يجودْ؟
- وضوءٌ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ؟
- وسِحْرٌ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ؟
- جليلاً، رهيباً، غريباً، وَحيدْ
- يضجُّ، ويدوي دويَّ الرّعودْ؟
- وريحٌ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ،
- وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الوليدْ؟
- وعاصفة ٌ من بناتِ الجحيم،
- كأنَّ صداها زئير الأسودْ
- تَعجُّ، فَتَدْوِي حنايا الجبال
- وتمشي، فتهوي صُخورُ النُّجودْ؟
- وطيرٌ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ،
- وتهتف ُللفجر بين الورود؟
- وزهرٌ، ينمِّقُ تلك التلال
- وَيَنْهَل من كلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ؟
- ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ
- ونفحُ الشباب، الحَييّ، السعيد
- أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفَناءِ
- ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ..
- وَيَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ
- كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرود
- فينضبُ يمُّ الحياة ِ، الخضيمُّ
- ويَخمدُ روحُ الربيع، الولود
- فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ
- ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الورود
- كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ!
- وصعبٌ على القلب هذا الهموذ!
- وماذا على الَقدَر المستمرِّ
- لو استمرَأَ الّناسُ طعمَ الخلود
- ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط
- ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودود
- ولم يَسلكوا للخلمودِ المرجَّى
- سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ
- فَدَامَ الشَّبابُ، وَسِحْرُ الغرامِ،
- وفنُّ الربيعِ، ولطفُ الورُودْ
- وعاش الورى في سَلامٍ، أمينٍ
- وعيشٍ، غضيرٍ، رخيٍّ، رَغيد؟
- ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ
- يَلَذُّ له نوْحُنا، كالنّشيد
المزيد...
العصور الأدبيه