الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> نبِّهْ نديمك للصَّبوح وهاتِها >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- نبِّهْ نديمك للصَّبوح وهاتِها
- كالشمس تشرقُ من جميع جِهاتها
- واصرِفْ بصرَفِ الراح همَّا كامناً
- واحيي السُّرور تنعُّماً بحياتِها
- صفراءُ تصفرُ عن حباب كؤوسها
- رقَّتْ فرقَّ لنا الزمان بذاتِها
- أبدى عليها المزْجُ در حبابِهِ
- فتخالُهُ دُرا على لبَّاتها
- وكأنما بين النَّدامى أطلعت
- بدراً بجنح الليل من آياتِها
- أكرم بها فالصَّفو بعض صِفاتها
- وتصادُقُ الأعداء من عاداتِها
- من كفِّ ساجية ِ الجفون كأنما
- هبَّت وفي الأجفان بعض سِناتها
- ولِثغرها عندَ ابتسامِ أقاحِهِ
- بدرٌ تألق في سنا وجَناتها
- سقياً لأربُعها وإن هي أخلفَتْ
- ديمٌ سقتها العين من عَبَراتها
- دع عنْك هِنداً والديار ومن بها
- ودع الغرامَ يكونُ بعض عفاتِها
- وانهض بِمدحتِكَ التي حلَّيتها
- بثنا أمير المسلمين وهاتِها
- ملكٌ أعدَّتْه الخلافة ُ ناشئاً
- والذُّعر يبرق تحت حدِّ ظُباتِها
- فغدا أحق بها وقام بعبئِها
- وسما بأقربِها إلى غاياتِها
- وأتاحَ أندلُساً بحدِّ حسامِ
- نصراً فأحيا الأرضَ بعد مَماتِها
- وأفاضَ ماءَ العدل في أقطارِها
- فنَما بذاك الماء غضٌ نباتِها
- وغدا بها المعروفُ عُرفاً جارياً
- فارتاحت الأيامُ من أزماتِها
- حتى السُّيوف غدت كبعضِ عُفاتِهِ
- سالت فأقطعَها رِقابَ عُداتِها
- كيف اهْتدى قَبْضَ العِنانِ بأنْمُل
- نشأَتْ وليس القَبْضُ من عاداتِها
- يا خيْرَ من وطىء العِتاقَ رِكابُهُ
- وأعزَّ من حمَلَتْ على صهواتِها
- بَلَغَتْ ملوكَ الرّومِ عنك مهابَة ٌ
- فغدتْ تمُجُّ الرِّيق في لهواتِها
- لا غَرو أنّ الرّومَ خامَرَ قلْبَها
- فالأُسْدُ تُخْشى وهي في أجماتِها
- لِمُحمَّد بن أبي الوليدِ شمائلٌ
- غُرٌّ بدَتْ والحُسْنُ بعضُ صفاتِها
- ومكارِمٌ قد أعجزَتْ مَنْ رامَها
- تسْتغرقُ الدنيا أقلُّ هِباتِها
- أمحمَّد أبْليتَ دينَ محمدٍ
- حسْنَى بَقاء الذِّكرِ مِن حَسَناتها
- هذي الجزيرة ُ لا تزالُ عزيزة ً
- محفوظة بِكَ يا إمامَ وُلاتِها
- إن طافَ شيطانُ العِدا بِسمائِها
- رجَمَتْهُ شُهْبٌ صَلاتِها وزكاتِها
- لمّا دعَتْكَ لنصرها لبَّيْتها
- ورضيتَ بذْلَ النَّفسِ في مرضاتِها
- وهزَزْتَ دوْحَ العزْمِ في روْضِ الرَّجا
- فجنَيْتَ غضَّ النّصْرِ مِن ثمراتِها
- وحسبْتَ بحرَ الماءِ كفَّكَ بالنِّدا
- فصدمْتَها مُسْتأنِسا بهباتِها
- وأتيْتَ فِعْلة َ جدِّكَ الأرْضى التي
- لا يرْتضي العلياءَ مَنْ لم يأتِها
- فلْيَهْنَ أنْدَلُساً قُدومُكَ إنّه
- حِرْزٌ لها من طاغياتِ عُتاتِها
- تُنْسي فِعالَ أبيكَ في آبائهمْ
- والشِّبْلُ نِدُّ الأُسْدِ في فَعَلاتِها
- فالله يَخْدُمُكَ الكواكبَ عزّة ً
- لك سَعْدُها واليُمْنُ مِن تَبَعاتِها
- ويقِرّ عيْنُ الملْكِ بالقمرِ الذي
- خضَعَتْ له الأقمارُ في هالاتِها
- هذه عروسُ قصائدي حلَّيْتُها
- ورفَفْتُها في السَّعْدِ مِنْ ساعاتِها
- لك يا أميرَ المسلمينَ فعِمْ بها
- ولي الهناءُ على بناءِ أبياتِها
- كَرُمَتْ بِنِسْبَتِها إليك فحقُّها
- أنْ يُعْتنى بروِيِّها ورُواتِها
- وعلى مقامِكُمْ سلامٌ عاطرٌ
- تُهْديهِ دارينُ لدى نفحاتِها
المزيد...
العصور الأدبيه