قصائدلسان الدين الخطيب



أبدى لِداعي الفوزِ وجْهَ مُنيبِ
لسان الدين الخطيب



  • أبدى لِداعي الفوزِ وجْهَ مُنيبِ

  • وأفاق من عذلٍ ومن تأنيبِ

  • كلِفَ الجنانِ إذا جَرى ذِكرُ الحِمى

  • والبانِ حنَّ له حنينَ النِّيبِ

  • والنَّفسُ لا تنفكُّ تكلفُ بالهوى

  • والشيْبُ يلحظُها بعينِ رَقيب

  • رحَل الصِّبا فطرحْتُ في أعقابِهِ

  • ما كان من غزْلٍ ومن تشبيبِ

  • أترى التَّغزُّل بعد أن رحل الصِّبا

  • شأني الغداة َ أو النَّسيب نسيبي

  • أنَّى لمثلي بالهوى من بعدِ ما

  • للوخطِ في الفَودين أي دبيبِ

  • لبِسَ البياض وحلَّ ذروة َ منبرٍ

  • منِّي ووالي الوعْظَ فِعل خطيب

  • قد كان يستُرُني ظلامُ شَبيبتي

  • واليومَ يفضَحُني صباح مشيبي

  • وإذا الجديدانِ استجدَّا أبليا

  • من لِبسة ِ الأعمار كلَّ قشيبِ

  • سلني عن الدَّهرِ الخؤونِ وأهلِهِ

  • تسَلِ المهلَّب عن حروبِ شبيبِ

  • متقلَّبُ الحالات فاخبرْ تقلِهِ

  • مهما أعدت يداً إلى تقليبِ

  • فكل الأمورَ إذا اعترتْكَ لربِّها

  • ما ضاق لطفُ الربِّ عن مربوبِ

  • قد يخبأُ المحبوبِ في مكروهِها

  • من يخبأُ المكروهَ في المحبوب

  • واصبر على مضضِ اللَّيالي إنها

  • كحوامِلِ ستلدنَ كلَّ عجيب

  • واقنعْ بحظٍّ لم تنَلْهُ بحيلة ٍ

  • ما كلُّ رامٍ سهمَهُ بمُصيب

  • يقع الحريصُ على الرَّدى ولكُم غَدا

  • تركُ التَّسبُّب أنفعُ التَّسبيبِ

  • من رامَ نيْلَ الشيءِ قبل أوانِهِ

  • رام انتقالَ يلمْلَمِ وعسيبِ

  • فإذا جعلتَ الصَّبر مفزع مُعضلٍ

  • عاجلْتَ علَّتهُ بطب طبيبِ

  • وإذا استعنْتَ على الزَّمان بفارسٍ

  • لبَّى نداءك منهُ خيرُ مجيب

  • بخليفة ِ الله في كفِّه

  • غيثٌ يروِّض ساح كلَّ جديبِ

  • المنتقى من طينة ِ المجدِ الذي

  • ما كان يوماً صرفُهُ بِمشوب

  • يرمي الصِّعاب بسعدِهِ فيقودها

  • ذُللاً على حَسَبِ الهوى المرغوب

  • ويرى الحقائِقَ من وراء حِجابِها

  • لا فرق بين شهادة ٍ ومَغيب

  • من آل عبدِ الحق حيث توشحت

  • شُعبُ العلا وربَتْ بأيِّ كثيب

  • أسُدُ الشَّرى سرج الوَرى فمقامُهُم

  • لله بين محارِبِ وحُروب

  • إمَّا دعا الداعي وثوَّبَ صارِخاً

  • ثابوا وأمُّوا حومة َ التثويب

  • شُهبٌ ثواقب والسماءُ عجاجة ٌ

  • تأثيرها قد صحَّ بالتجريب

  • ما شئتَ في آفاقها من رامحٍ

  • يبدو وكفٍّ بالنجيع خضيب

  • عجبت سيوفهُمْ لشدَّة بأسهِمْ

  • فتبسَّمْت والجوُّ في تقطيب

  • نُظموا بلبّاتِ العلا واستوسقوا

  • كالرُّمح أنبوباً على أنبوب

  • تروي العواليَ في المعالي عنهُم

  • أثر النَّدى المولودَ والمكسوب

  • عن كل موثوقٍ به إسنادُهُ

  • بالقطع أو بالوضعِ غيرُ مَعيب

  • فأبو عِنانٍ عن عليِّى غضَّة ً

  • للنقل عن عثمانَ عن يعقوب

  • جاءوا كما اتَّسق الحسابُ أصالة ً

  • وغدا فذلك ذلك المكتوبِ

  • متجسِّدا من جوهرِ النُّور الذي

  • لم ترمَ يوماً شمسُهُ بغُروب

  • متألقاً من مطلعِ الحق الذي

  • هو نورُ أبصار وسرُّ قُلوب

  • قُل للزَّمان وقد تبسَّم ضاحكاً

  • من بعد طول تجهُّم وقطوب

  • هي دعوة الحق التي أوضاعُها

  • جمعت من الآثارِ كلًّ غريب

  • هي دولة ُ العدلِ الذي شمِلَ الورى

  • فالشاة ُ لا تخشى اعتداءَ الذيبِ

  • لو أن كسرى الفُرْس أدرك فارساً

  • ألقى إليه بتاجِهِ المعصوب

  • لمَّا حللتُ بأرضه متملئاً

  • ما شئتُ من بِرِّ ومن ترحيبِ

  • شملَ الرضا فكأنَّ كل أقاحَة

  • ترمي بثغرٍ للسلامِ شنيب

  • وأتيتُ في بحر القِرى أمَّ القُرى

  • حتى حططتُ بمرفأ التّقريب

  • فرأيتُ أمرَ الله من ظلِّ التُّقى

  • والعدل حتى سُرادِق مضروبِ

  • ورأيتُ سيفَ الله مطرورَ الشَّبا

  • يمضي القضاءُ بحدِّه المرهوبِ

  • وشهدتُ نور الله ليسَ بآفل

  • والدِّين والدنيا علَى ترتيبِ

  • وورَدْتُ بحرَ العلم يقذِفُ موجُهُ

  • للناس من دررِ الهدى بضروب

  • لله من شيم كأزهارِ الرُّبا

  • غبَّ انثيال العارِضِ المسكوبِ

  • وجمالِ مرأى في رداءِ مهابة

  • كالسيفِ مصقولِ الفرَنْدِ مهيب

  • يا جنة ً فارقتُ من غرُفاتها

  • دار القرارِ بما اقتضتْهُ ذنوبي

  • أسفي على ما ضاع من حظِّي بها

  • لا تنقضي ترحاتُهُ ونحيبي

  • إن أشرقَتْ شمسٌ شرقت بعبرتي

  • وتفيضُ في وقت الغروبِ غروبي

  • حتى لقد علمت ساجعة ُ الضُّحى

  • شجوي وجانِحَة ُ الأصيل شُحوبي

  • وشهادَة ُ الإخلاص توجبُ رِحْلتي

  • لنعيمها من غيْر مسَّ لغوب

  • يا ناصرَ الحق العريبِ وأهلُهُ

  • أنضاءُ مسغبة ٍ وفلُّ خطوب

  • حقِّقْ ظنون بنيه فيك فإنهُمْ

  • يتعلَّلون بوعدِكَ المرقوبِ

  • ضاقَتْ مذاهب نصرهِمْ فتعلَّقوا

  • بجناب عزِّ من عُلاك رحيبِ

  • ودَجا ظلامُ الكفرِ في آفاقِهم

  • أو ليس صُبحكَ منهمُ بقريب

  • فانظر بعينِ العزِّ من ثُغر غدا

  • حذر العِدا يرنوا بطرفِ مُريب

  • نادتْكَ أندلسٌ ومجدك ضامنٌ

  • ألا تخيب لديكَ في مطلوبِ

  • غَصب العدوُّ بلادها وحسامُك

  • الماضي الشَّبا مسترجعُ المغصوب

  • أرِها السَّوابح في المجاز حقيقة ً

  • من كلِّ قعدة ِ مجربٍ وجنيب

  • يتأوَّدُ الأسلُ المثقف فوقَها

  • وتجيبَ صاهلة ٌ رُغاءَ نجيبِ

  • والنَّصرُ يضحِكَ كل مبْسَم غرَّة

  • والفتح معقودٌ بكلِّ سَبيب

  • والروم فارم بكلِّ رجم ثاقبٍ

  • يُذكي بأربعِها شُواظ لهيب

  • بذوابل السُّلب التي تركَتْ بني

  • زيَّان بين مجدَّلٍ وسَليب

  • وأضِفْ إلى لام الوَغا ألفَ القَنا

  • تظهَرْ لديْكَ علامة ُ التَّغليب

  • إن كنْتَ تعجمُ بالعزائِم عودَها

  • عودُ الصَّليب اليوْمَ غيرُ صليبِ

  • ولكَ الكتائبُ كالخمائِل أطلعَتْ

  • زهرَ الأسنَّة فوق كلِّ قضيبِ

  • فمُرنَّح العِطفين لا من نشوة ٍ

  • ومورَّد الخدين غيرُ مُريب

  • يبدو سدادُ الرَّأي في راياتِها

  • وأموُرها تجري على تجريب

  • وترى الطُّيور عصائباً من فوقها

  • لحلول يوم في الضّلالِ عسيبِ

  • هذَّبْتَها بالعرض يذكر يومُهُ

  • عرض الوَرى للموعِدِ المكتوب

  • وهي الكتائبُ إن تُنوسي عرضُها

  • كانت مدوَّنة ً بلا تهذيبِ

  • حتى إذا فرضَ الجلادُ جدالَهُ

  • ورأيت ريحَ النَّصر ذاتَ هُبوب

  • قدَّمْت سالبة العدوِّ وبعدها

  • أخرى لعزِّ النَّصر ذات وُجوب

  • وإذا توسط فضل سيفك عندها

  • جزأي قياسك فزت بالمطلوب

  • وتبرأ الشيطانُ لمَّا أن علا

  • حزبُ الهدى من حزبِهِ المغلوب

  • الأرضُ إرثٌ والمطامعُ جمَّة ٌ

  • كل يهشُّ إلى التماس نصيبِ

  • وخلائفَ التَّقوى هم ورَّاثها

  • فإليكها بالحظ والتَّعصيبِ

  • لكأنَّني بك قد تركْتَ ربوعَها

  • قفراً بكر الغزوِ والتَّعقيبِ

  • وأقمتَ فيها مأتماً لكنه

  • عرسٌ لنسر في الفلاة َ وذيبِ

  • وتركتَ مُفْلتها بقلبٍ واجبٍ

  • رهباً وخدٍّ بالأسى مندوب

  • تبكي نوادِبُها وينقلن الخُطا

  • من شلو طاغية ٍ لشلو صليب

  • جعل الإلهُ البيت منك مثابة ً

  • للعاكفينَ وأنت خيرُ مُثيب

  • فإذا ذُكرْتَ كأن هبَّات الصَّبا

  • فضَّت بمدرجها لطيمة َ طيبِ

  • لولا ارتباطُ الكونِ بالمعنى الذي

  • قصُرَ الحِجا عن سرِّه المحجوب

  • قلنا لعالمِكَ الذي شرَّفْتَهُ

  • حسدا البسيطُ مزية َ التَّركيبِ

  • ولأجلِ قُطرِكَ شمسُها ونجومها

  • عدلت عن التَّشريقِ للتَّغريبِ

  • تبدو بمطلعِ أفقِها فضيَّة ً

  • وتغيب عندكَ وهي في تذهيبِ

  • مولاي أشواقي إليك تهُزُّني

  • والنارُ تفضَعُ عرفَ عودِ الطَّيبِ

  • بِحُلى علاك أطلْتُها وأطبْتُها

  • ولكم مُطيل وهو غير مُطيب

  • طالبْتُ أفكاري بفرض يديها

  • فوفَتْ بشرط الفوْزِ والترتيبِ

  • متنبىء أنا في حُلى تلك العُلا

  • لكنَّ شِعري فيك شِعرُ حَبيب

  • والطَّبعُ فحلٌ والقريحَة ُ حرَّة ٌ

  • فاقبلهُ بين نجيبة ِ ونجيب

  • لكنَّني سهَّلتها وأدلتُها

  • من كلِّ وحشي بكلِّ ربيبِ

  • هابَتْ مقامَكَ فاطبيت صِعابَها

  • حتى غَدَتْ ذُللاً على التدريب

  • إن كنت قد قاربْتُ في تعديلِها

  • لا بدَّ في التعديل من تقْريب

  • عُذرى لتَقْصري وعجزي ناسِخٌ

  • ويحلُّ منك العفوُّ عن تَثريب

  • من لم يَدِنْ لله فيك لقُربِهِ

  • هو من جنابِ الله غيرُ قَريب

  • والله ما أخفيتُ حُبَّك خيفة ً

  • إلا وأنفاسي عليَّ تشي بي



أعمال أخرى لسان الدين الخطيب



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟