الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> أشارت غداة البين من خلل السجف >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- أشارت غداة البين من خلل السجف
- بناظرتي ريم وسالفتي خشف
- وأبصرت التوديع حقا فلم تطق
- غداتئذ كتما لبعض الذي تخفي
- أماطت عن الخد اللثام فأطلعت
- هلالا على غصن وغصنا على حقف
- وقالت لأتراب لها قمن دونها
- فقائلة سحي وقائلة كفي
- أخلاي هل طعم أمر من النوى
- وأفظع خطبا من مفارقة الإلف
- ولم تك إلا ساعة وتسنمت
- ظهور المطايا كل فاتنة الطرف
- ودارت على الركب الصوارم والقنا
- وجرد المذاكي من أمام ومن خلف
- أمالوا السرى قصد العراق وأزمعوا
- على مهمة تسفي به الريح ما تسفي
- ودل عليهم من تخلف منهم
- بما أودعوا طيب النسيم من العرف
- فلا عهد إلا بالخيال وبالمنى
- ولا وصل إلا بالرسائل والصحف
- بكيت دما حتى توهم صاحبي
- بأني غداة البين أرعف من طرفي
- وكم رمت أن يجدي البكاء فلم يكن
- ليجدي ورجعت الحنين فلم يشف
- أيا قاتل الله الغواني فإنما
- طلاب الردى وقف على ربة الوقف
- تغادو ذا الجأش القوي جفونها
- ضعيف انتصار وهي بينة الضعف
- إذا ما غرسن الوعد في روضة الهوى
- جنيت على أغصانه ثمر الخلف
- ترى من أحل الغدر وهو محرم
- وحرم غصن الأقحوان على الرشف
- سأصرف عن قلبي مساعدة الهوى
- فقد كان في حولين من ذاك ما يكفي
- وأذهب من صبري إلى كل مذهب
- وكل كريم لا يقيم على خسف
- وأفزع من دهري إلى ظل يوسف
- فلله من ركن منيع ومن كهف
- زجرت القوافي والمطايا شواردا
- إلى واحد في الروع يغني عن الألف
- وقور إذا الأبطال طاشت حلومها
- وأقدم في الهيجاء صفا إلى صف
- إذا ذكر الأملاك يوما فيوسف
- لما شئت من جود وما شئت من عطف
- وبالسيف سفاح وبالهدي مهتد
- وبالرعب منصور وبالله مستكف
- هو الدهر لكن عدله وسماحه
- يرد صروف الدهر راغمة الأنف
- هو البدر إلا أنه الدهر كامل
- إذا صيب نور البدر بالنقص والخسف
- من العرب الشم الأنوف إذا احتبوا
- تبوأت في جار مجير وفي حلف
- كرام إذا ما الغيث في الأرض لم يكف
- بصوب حيا كانت أكفهم تكفي
- فإن حملوا أقنوا أو استصرخوا حموا
- وإن بذلوا أغنوا عن الديم الوطف
- وإن مدحوا اهتزوا كما هبت الصبا
- على كل ممطور من البان ملتف
- وأن سمعوا اللغو فروا بأنفس
- كرام السجايا لا تفر من الزحف
- لعمري لئن هاجت عزائمك العدا
- كما بحثت عن حتفها ربة الظلف
- وغرتهم الحرب السجال وقلما
- يدل غرور القوم إلا على الحتف
- فقد آن أخذ الدين منهم بثأره
- وما كان جفن الدين في مثلها يغف
- ودون مهب العزم كل مهند
- وخطية سمر وفضفاضة زغف
- وأسد غضاب إن تذكرن يومها
- عضضن بأطراف البنان من اللهف
- أمولاي زارتك القوافي كأنها
- هدايا تهادتها القيان إلى الزف
- عليها عقود من ثنائك نظمت
- مناسبة التأليف محكمة الرصف
- أتاك بها النيروز معترفا بما
- لملكك فيه من نوال ومن عرف
- فهنيته والدهر طوعك والمنى
- توافي بما تهواه ضعفا على ضعف
- تمهدت الدنيا بملكك بعدما
- أقامت زمانا لا تفر من الرجف
- ورضت صعاب الدهر وهي شوامس
- فذللتها من غير جهد ولا عنف
- وكم صرف التأميل نحوك آمل
- فصيرته بالعدل ممتنع الصرف
- وكم من يد أوليتنيها كريمة
- يقل لها نظمي ويعي بها وصفي
- فأسبابك الوثقى وصلت بها يدي
- ونعمتك الكبرى ملأت بها كفي
- فإن أنا لم أمحضك مني بخالص
- من الود صاف في قراراته صرف
- وآت ببحر المدح فيك لغاية
- ترى دونها الأبصار حاسرة الطرف
- فلا ضاع معنى يستضاء بنوره
- جناني ولا خطت بناني في حرف
المزيد...
العصور الأدبيه