الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ،
- وراضٍ ولو حمّلتَني في الهوَى رَضوَى
- وهَبتُكَ روحي فاقضِ منها ولا تخَفْ،
- لأنّ عناني نحوَ غيركَ لا يلوى
- وهى جلدي إن كانَ أضمرَ خاطري
- سلواً، ولو أني قضيتُ من البلوَى
- وحقكَ قد عزّ السلوُّ، فمنّ لي
- بوصلٍ، فإنّ المنّ أحلى من السلوى
- وَجَدتُ الهوَى حُلواً، فلَمّا وَرَدتُهُ
- تأجّنَ حتى شابَ بالكَدَرِ الصّفْوَا
- وأعبتني من خمرِ حبكَ نشوة ً،
- فَها أنا حتى الحشرِ لا أعرِفُ الصّحْوَا
- ولعتُ بذكرِ الغانياتِ تموهاً
- عن اسمك كيلا يعلمَ الناسُ من أهوى
- وأكثرتُ تَذكاري لحَزوى ورامَة ٍ،
- وما رامَة ٌ لولا هَواكَ وما حَزوَى ؟
- وعدتَ جميلاً ثم اخلفتَ موعدي،
- فما بالُ وَعدِ الهَجرِ عندك لا يُلوَى
- وَصلتَ العِدى رَغماً عليّ، وحبّذا
- لوَ أنّكَ أصفَيتَ الودادَ لمن يَسوَى
- وحقِّ الهوى العذريّ، وهيَ ألية ٌ
- تنزهُ أربابَ الغرامِ عن الدعوى
- وِصالُكَ للأعداءِ لا الهَجرُ قاتِلي،
- ولكن رأيتُ الصّبرَ أولى من الشكوَى
- وفيتَ لهم دوني، فسوفَ أكيدهم
- بصَبري إلى أن أبلُغَ الغايَة القُصوَى
- وإلاّ، فلا أضحَتْ لنُجبِ عَزائمي
- إلى الملكِ المنصور عصبُ الفلا تطوى
- وليٌّ لأمرِ المسلمينَ، وحافظٌ
- شرائطَ دينَ اللهِ بالعدلِ والتقوى
- وَصُولٌ، عَبوسٌ، قاطعٌ، متَبَسّمٌ،
- يخافُ ويرجى عنده الحتفُ والجدوى
- وليٌّ عن الفحشا، سريعٌ إلى الندى ،
- بعيدٌ عن المرأى ، قريبٌ من النجوى
- وبالٌ لمن عاداك، وبلٌ لمن راعا
- كَ، قحطٌ لمن ناواك، خصبُ لمن ألوى
- وفيٌّ يجازي المذنبينَ بعفوهِ،
- ولكنهُ عن مالهِ لا يرى العفوا
- ويُصبحُ عن عَيبِ الخَلائقِ لاهِياً،
- وعن رعيهم بالعدلِ لا يعرفُ السهوا
- وأبلجُ قد راعَ الزمانَ سياسة ً،
- وشنّ على أموالهِ غارة ً شعوا
- وصفنا نداهُ للمطيّ، فأطلعتْ
- يداها، وسارَتْ نحوَه تُسرِعُ الخَطوَا
- وظَلّتْ بها يَكوي الهَجيرُ جُلودَها،
- وأخفافُها من لَذعِ قدحِ الحصَى تُكوَى
- وبِيدٍ عَسَفتُ العيسَ في هَضباتِها،
- وأنضيت بالإدلاجِ في وعرها النضوا
- وردنا بها ربعاً بهِ موردٌ الندى ،
- غزيرٌ، ووَعلُ الجَودِ في ظلّهِ أحوَى
- ولُذنا بمَلكٍ لَيسَ يُخلِفُ وَعدَه،
- إذا مَوعدُ الوَسميّ أخلَفَ أو ألوَى
- ولمّا أنَخنا عِيسَنا بفنائِه،
- أفادَتْ يَداهُ كلَّ نَفسٍ بما تَهَوى
- وأورَدَنا من جُودِ كَفّيهِ نِعمَة ً،
- وصَيّرَ جَنّاتِ النّعيمِ لَنا مأوَى
- وحسبي من الأيامِ أني بظلهِ،
- ولي جودهُ محياً ولي ربعهُ أحوى
المزيد...
العصور الأدبيه