الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ،
- واقتَدَحَ الشّرقُ زِنادَ الصبّاحْ
- وأخجَلَ الوَردُ شُعاعَ الضّحَى ،
- فابتَسَمتْ منهُ ثغورُ الأقاحْ
- وقامَ في الدوحِ لنعي الدجى ،
- حمائمٌ تطربنا بالصياحْ
- مذ ولد الصبح ومات الدجى
- صاحتْ، فلم ندرِ غناً أم نواحْ
- ويوم دجنٍ حجبتْ شمسهُ،
- وأشرَقتْ في لَيلِهِ شمسُ راحْ
- فَما ظَننّا الصّبحَ إلاّ دُجًى ،
- ولا حَسبِنا اللّيلَ إلاّ صَباحْ
- وقابتْ نورَ الضحى أوجهٌ
- للغِيد تَبغي في الصبّاحِ اصطِباحْ
- فظلتُ ذا النورينِ في مجلسي
- منوجهِ صبحٍ ووجوهٍ صباحْ
- وشادِنٍ إن جالَ ماءُ الحَيا
- في مُقلَتَيهِ زادَهنّ اتّقاحْ
- يُسكِرُنا من خَمرِ ألحاظِهِ،
- ويمزجُ الجدّ لنا بالمزاحْ
- من لحظِهِ يَسقي، ومن لَفظِهِ
- وريقهِ خمراً حلالاً مباحْ
- نَواظرٌ تُعزى إلَيها الظُّبَى ،
- وقامَة ٌ تُعزى إلَيها الرّماحْ
- يا عاذلي في حسنِ أوصافهِ،
- ومسمعي وصفَ الفتاة ِ الرداحْ
- في حبّ ذي القرطينِ، يا لائمي،
- لي شاغلٌ عن حبّ ذاتِ الوشاحْ
- دَعني أُقَضّي العيشَ في غِبطَة ٍ
- مُتّبِعاً مَغدَى الهَوى والمَراحْ
- من قبلِ أن يَهتِفَ داعي النّوى ،
- فلَم أجِدْ عن بَينِنا من بَراحْ
- فكلّ يومٍ لي برُغمِ العُلَى
- في كلّ أرضٍ غربة ٌ وانتزاحْ
- واضيعة َ العمرِ وفوتَ المنى ،
- بينَ رِضَى الكُومِ وسُخطِ المِلاح
- ورُبّ لَيلٍ خُضتُ تَيّارَهُ
- بأدهَمٍ يَسبُقُ جَريَ الرّياحْ
- محجلِ الأربعِ ذي غرة ٍ
- ميمونة ِ الطلعة ِ ذاتِ اتضاحْ
- كأنهُ قد شقّ بحرَ الدجى ،
- وبعدهُ خاضَ غديرَ الصباحْ
- لم تَعلَمِ الأبصارُ في جَريِهِ
- قادمة ً خفتْ بهِ أمْ جناحْ
- مذ فسدَ العيشُ رأى قصدهُ
- للمَلِكِ الصّالحِ عينَ الصّلاحْ
- المَلكُ النَّدبُ الذي شُكرُهُ
- صار اعتبِاراً للورَى واصطِلاحْ
- مُمَنَّعُ المَجدِ رَفيعُ العُلى ،
- لهم يكُ إلاّ مالهُ مستباحْ
- يكادُ من دِقّة ِ أفكارِهِ
- يزري بما يجري القضاءُ المتاحْ
- لهُ يَدٌ، إن جادَ، كانتْ حَياً،
- وهمة ٌ، إن جالَ، كانتْ سلاحْ
- ورحبُ صَدرٍ كُلّما هيمَنَتْ
- فيهِ نَسيمُ المَدحِ زادَ ارتِياحْ
- يا حامِلَ الأثقالِ مِن بَعدِ ما
- حطّ مراراً غيرهُ واستراحْ
- لولاكَ، يا وابلُ، زَرعُ النّدى
- أضحى هشيماً، وذرتهُ الرياحْ
- يا ابنَ الذي حَجّ إليهِ الوَرَى
- لكونِهِ كعبة َ دينِ السماحْ
- إن قَصُرَتْ منّى إليكَ الخُطى ،
- ما قصرتْ منّي يدُ الامتداحْ
- فقد جعَلتُ الأرضَ من مَدحِكم
- خَضرا، وشِعري جائلٌ كالوِشاحْ
- خفضتُ بالنصبِ استعاراتهِ،
- كما أعيرَ الذلُّ خفضَ الجناحْ
- إذا تلاهُ الوفدُ قالَ الورى :
- هذا هوَ السحرُ الحلالُ المباحْ
- ذِكرُكَ كالمِسكِ، ولكِنّهُ
- إن ضوعتهُ نسمة ُ المدحِ فاحْ
المزيد...
العصور الأدبيه