الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
صفي الدين الحلي
- لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
- كُسَتْ حلالاً من غبارِ الفسطَلِ
- يَبرُزنَ في حُلَلِ العَجاجِ عَوابِساً،
- يَحمِلنَ كلّ مُدَرَّعٍ ومُسرْبَلِ
- شِبه العَرائِسِ تُجتَلى ، فكأنها
- في الخدرِ من ذيلِ العجاجِ المسبَلِ
- فعلتْ قوائمهنّ عندَ طرادِها
- فِعلَ الصّوالجِ في كُراتِ الجَندَلِ
- فَتظَلُّ تَرْقُمُ في الصُّخورِ أهِلّة ً
- بشَبا حَوافرِها، وإنْ لمْ تُنعَلِ
- يَحمِلنَ من آلِ العَريضِ فَوارِساً
- كالأسُدِ في أجَمِ الرّماحِ الذُّبَّلِ
- تَنشالُ حَولَ مُدرَّعٍ بجَنانِهِ،
- فكأنّهُ من بأسِهِ في معقِلِ
- ما زالَ صدرَ الدَّستِ، صدرَ الرتبة ِ الـ
- ـعَلياءِ، صدرَ الجيشِ، صدرَ المَحفِلِ
- لو أنصفتهُ بنو محاسنَ، إذْ مشوا،
- كانتْ رؤوسُهُمُ مكانَ الأرجُلِ
- بينا تراهُ خطيبهم في محفلٍ
- رحبٍ، تراهُ زعيمهم في جحفلِ
- شاطَرتُهُ حَربَ العُداة ِ لعِلمِهِ
- أني كنانتُهُ التي لم تنثلِ
- لمّا دعتين للنّزالِ أقاربي،
- لباهُمُ عني لسانُ المنصُلِ
- وابيتُ من أني أعيشُ بعزّهمْ
- وأكونُ عنْهم في الحروبِ بمعزِلِ
- وافَيتُ في يَومٍ أغَرَّ مُحجَّلٍ،
- أغشَى الهياجَ على أغرّ محجَّلِ
- ثارَ العجاجُ فكنتُ أوّلَ صائلٍ،
- وعلا الضّرامُ فكنتُ أوّلَ مُصطَلِ
- فغَدا يَقولُ كَبيرُهمْ وصَغيرُهم:
- لا خيرَ فيمنْ قالَ إنْ لم يفعلِ
- سلْ ساكني الزوراءِ والأممَ التي
- حضَرَتْ، وظَلَّلَها رِواقُ القَسطَلِ
- مَن كانَ تَمّمَ نَقصَها بحُسامِهِ،
- إذْ كلُّ شاكٍ في السّلاحِ كأعزَلِ
- أو مَن تدرَّعَ بالعجاجة ِ عندما
- نادى مُنادي القومِ: يا خيلُ احمِلي
- تُخبِرْكَ فُرسانُ العَريكَة ِ أنّني
- كنتُ المصلّي بعدَ سبقِ الأوّلِ
- ما كان يَنفَعُ مَن تَقدّمَ سَبقُهُ،
- لو لم تُتَمّمْها مَضارِبُ مُنصُلي
- لكن تَقاسَمْنا عَواملَ نَحوِها،
- فالاسمُ كان لهُ، وكان الفعلُ لي
- وبديعة ٍ نظرتْ إليّ بها العِدى
- نظرَ الفقيرِ إلى الغنيّ المقبلِ
- واستثقلتْ نطقي بها، فكأنّما
- لقيتْ بثالثِ سورة ِ المزّمِّلِ
- حتى انثنتْ لم تدرِ ماذا تتقي،
- عندَ الوقائعِ، صارِمي أمْ مقولي
- حَمَلُوا عليّ الحِقدَ حتى أصبَحتْ
- تغلي صدروهُمُ كغلْي المرجلِ
- إن يَطلُبوا قَتلي، فلَستُ ألومُهم،
- دَمُ شَيخِهمْ في صارمي لم يَنصُل
- ما لي أسترُها، وتلكَ فضيلة ٌ؟
- الفخرُ في فصدِ العدوّ بمنجلِ
- قد شاهدوا من قبلِ ذاكَ ترفّعي
- عن حربهمْ، وتماسُكي وتجمُّلي
- لمّا أثاروا الحَربَ قالتْ هِمْتي:
- جهلَ الزّمانُ عليكَ إنْ لم تجهلِ
- فالآنَ حينَ فلَيتُ ناصيَة َ الفَلا،
- حتى تعلمتِ النّجمُ تنقلي
- أضحَى يحاولني العدوّ، وهمّتي
- تعلو على هام السماكِ الأعزلِ
- ويَرومُ إدراكي، وتلكَ عجيبَة ٌ،
- هل يمكنُ الزرزورَ صيدَ الأجدلِ
- قُلْ لليّالي: ويكِ ما شئتِ اصنَعي
- بَعدي، وللأيّامِ ما شئتِ افعَلي
- حسبُ العدوّ بانني أدركتُهُ،
- لمّا وَليتُ، وفُتُّهُ لمّا وَلي
- سأظَلُّ كلَّ صَبيحَة ٍ في مَهَمهٍ،
- وأبِيتُ كلَّ عَشيّة ٍ في مَنزِل
- وأسيرُ فرداً في البلادِ، وإنّني
- من حَشدِ جَيشِ عزائمي في جَحفل
- أجفو الدّيارَ، فإنْ ركبتُ وضَمّني
- سرجُ المطهَّمِ قلتُ: هذا منزِلي
- لا تسمعنّ بأنّ أسرتُ مسلِّماً،
- وإذا سمِعتَ بأنْ قُتلتُ فَعَوّل
- ما الاعتذارُ، وصارمي في عاتقي،
- إن لم يكُنْ من دونِ أسري مَقتَلي
- ما كانَ عُذري إن صَبرتُ على الأذى ،
- ورضيتُ بعد تدللي بتذلّلي
- فإذا رُميتَ بحادِثٍ في بلدَة ٍ
- جردْ حسامَكَ صائلاً، أو فارحلِ
- فلذاكَ لا أخشَى ورودَ منيّتي،
- وأرى وُرودَ الحتَفِ عَذْبَ المَنهَل
- فإذا علا جدّي فقلبي جنّتي،
- وإذا دَنا أجَلي فَدِرعي مَقتَلي
- ما تِهتُ بالدّنيا، إذا هيَ أقبَلَتْ
- نحوي، ولا آسَى ، إذا لم تُقبِل
- وكذاكَ ما وَصَلتْ فقُلتُ لها اقطَعي
- يوماً، ولا قطعتْ فقلتُ لها صِلي
- صبراً على كيدِ العُداة ِ لعلّنا
- نَسقي أخيرَهمُ بكأسِ الأوّل
- يا عصبة ً فرحوا بمصرعِ ليثنا،
- ماذا أمنتُمْ من وثوبِ الأشبُلِ
- قومٌ يُعزِّونَ النّزيلَ، وطالَما
- بَخِلَ الحيَا، وأكُفُّهمْ لم تَبخَل
- يَفنى الزمانُ، وفيه رونَقُ ذِكرِهم؛
- يبلى القَميصُ، وفيهِ عَرفُ المَندَل
المزيد...
العصور الأدبيه