الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ،
صفي الدين الحلي
- في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ،
- وإنّما النّاسُ أعداءٌ لِما جَهِلُوا
- رأوا تحيرَ فكري في صفاتكمُ،
- فأوسعوا القولَ إذ ضاقتْ بيَ الحيلُ
- وأنهمْ عرفوا في الحبّ معرفتي
- بشأنكم، عذروا من بعدِما عذلوا
- يا جاعِلي خبري بالهجرِ مبتدئاً،
- لاعطفَ فيكم، ولا لي منكمُ بدلُ
- رفعتُ حالي، ورفعُ الحالِ ممتنعٌ،
- إليكم، وهوَ للتمييزِ يحتملُ
- كم قد كتمتُ هواكم لا أبوحُ بهِ،
- والأمرُ يَظهَرُ والأخبارُ تَنتَقِلُ
- وبِتُّ أُخفي أنيني والحَنينَ بكُم
- تَوَهّماً أنّ ذاكَ الجُرحَ يَندَمِلُ
- كَيفَ السّبيلُ إلى إخفاءِ حبّكُمُ،
- والقَلبُ مُنقَلِبٌ، والعَقلُ مُعتَقَلُ
- يا مُلبسي القلبِ ثَوبَ الحُزنِ بعدهمُ،
- حزني قشيبٌ وصبري بعدكم سملُ
- لِذا بَواكرُ أيّامي، لبُعدِكُمُ،
- أصائلٌ، وضحاها بعدكم طفلُ
- أحسَنتُمُ القَولَ لي وَعداً وَتَكرِمَة ً،
- لا يصدقُ القولُ حتى يصدرَ العملُ
- حتى إذا وَثِقَتْ نَفسي بمَوعِدِكم،
- وقلتُ: بُشرايَ زال الخوفُ والوَجَلُ
- حملتموني، في ضعفي، لقوتكم
- ما لَيسَ يَحمِلُهُ سَهلٌ ولا جَبَلُ
- للهِ أيامنا، والدارُ دانية ٌ،
- والشّملُ مُجتَمِعٌ، والجمعُ مُشتَمِلُ
- شَفَيتُ غُلّة َ قَلبي، والغَليلَ بها،
- فاليومَ لا غلتي تفشى ، ولا الغللُ
- ياحبذا نسمة ُ السعديَ حينَ سرتْ
- مريضَة ً في حَواشي مِرطِها بَلَلُ
- لا أوحشَ اللهُ من قومٍ لبعدهمُ،
- أمسيتُ أحسدُ من بالغمضِ يكتحلُ
- غابُوا، وألحاظُ أفكاري تُمَثّلُهم،
- لأنهم في ضميرِ القلبِ قد نزلوا
- ساروا، وقد قَتَلوني بعدَهم أسَفاً،
- يا لَيتَهُم أسُروا في الرّكبِ مَن قَتَلُوا
- وخَلّفُوني أعَضّ الكَفَّ من نَدَم،
- وأُكثِرُ النّوحَ، لمّا قَلّتِ الحِيَلُ
- أقولُ في إثرهم، والعينُ دامية ٌ،
- والدّمعُ مُنهَمِرٌ منها ومُنهَمِلُ:
- ما عودوني أحبائي مقاطعة ً،
- بل عودوني، إذا قاطعتهم وصلوا
- وسِرتُ في إثرِهم حيرانَ مُرتَمِضاً،
- والعيسُ من طَلّها تَحفَى وَتَنتَعِلُ
- تريكَ مشيَ الهوينا، وهيَ مسرعة ٌ،
- مرَّ السحابة ِ لا ريثٌ، ولا عجلُ
- لا تَنسبنّ إلى الغِربانِ بَينَهُمُ،
- فذاكَ بينَ غٍدَتْ غِربانُهُ الإبِلُ
- وفي الهَوادِجِ أقمارٌ مُحَجَّبَة ٌ،
- أغرة ٌ حملتها الأنيقُ الذللُ
- تلك البروجُ التي حلتْ بدورهمُ
- فيها، وليسَ بها ثَورٌ، ولا حَمَلُ
- وحجتِ العيسَ حادٍ صوتهُ غردٌ،
- بنغمة ٍ دونها المزمومُ والرملُ
- حدا بهم ثمّ حيّا عيسهم مرحاً،
- وقالَ: سِرْ مُسرِعاً حُيّيتَ يا جَملُ
- ليتَ التّحيّة َ كانتْ لي، فأشكُرَها،
- مكانَ يا جملٌ حييتَ يا رجلُ
المزيد...
العصور الأدبيه