قصائدصفي الدين الحلي



فيروزجُ الصبحِ أمْ ياقوتة ُ الشفقِ،
صفي الدين الحلي



  • فيروزجُ الصبحِ أمْ ياقوتة ُ الشفقِ،

  • بدَتْ فهَيّجَتِ الوَرقاءَ في الوَرَقِ

  • أمْ صارِمُ الشّرقِ لمّا لاحَ مُختَضِباً،

  • كما بَدا السّيفُ مُحمَراً من العلَقِ

  • ومالتِ القضبُ، إذْ مرّ النسيمُ بها،

  • سَكرَى كما نُبّهَ الوَسنانُ من أرَقِ

  • والغيمُ قد نشرتْ في الجوّ بردتُه

  • ستراً تمدُّ حواشيهِ على الأفُقِ

  • والسحُّبُ تَبكي، وثَغرُ البَرّ مُبتَسِمٌ،

  • والطّيرُ تَسجَعُ من تيهٍ ومن شَبَقِ

  • فالطّيرُ في طرَبٍ، والسُّحبُ في حَربٍ،

  • والماءُ في هربٍ، والغصنُ في قلقِ

  • وعارضُ الأرضِ بالأنوارِ مكتملٌ،

  • قد ظلّ يشكرُ صوبَ العارِضِ الغدِقِ

  • وكلّلَ الطلُّ أوراقَ الغصونِ ضُحًى

  • كما تكلل خدُّ الخودِ بالعرقِ

  • وأطلَقَ الطّيرُ فيها سَجْعَ مَنطِقه،

  • ما بَينَ مُختَلِفٍ منهُ ومُتّفِقِ

  • والظلُّ يسرقُ بينَ الدوحِ خطوتَه،

  • وللمِياهِ دَبِيبٌ غَيرُ مُستَرَقِ

  • وقد بدا الوردُ مفتراً مباسمُهُ،

  • والنرجِسُ الغضُّ فيها شاخصُ الحدقِ

  • من أحمرٍ ساطعٍ، أو أخضرٍ نضرٍ،

  • أو أصفرٍ فاقعٍ، أو أبيضٍ يققِ

  • وفاحَ من أرجِ الأزهارِ منتشراً

  • نشرٌ تعطرَ منهُ كلُّ منتشقِ

  • كأنّ ذكرَ رسولِ اللهِ مرّ بها،

  • فأكسبتْ أرجاً من نشرهِ العبقِ

  • مَحمّدُ المُصطفَى الهادي الذي اعتصَمَتْ

  • بهِ الورَى ، فهداهم أوضحَ الطرُقِ

  • ومن لهُ أخذَ الله العهودَ على

  • كلّ النّبييّنَ من بادٍ ومُلتَحِقِ

  • ومَن رَقي في الطِّباقِ السّبعِ مَنزِلَة ً،

  • ما كانَ قطّ إليها قبلَ ذاكَ رَقي

  • ومَن دَنا فتَدَلّى نَحوَ خالِقِهِ،

  • كقابِ قَوسَينِ أو أدنَى إلى العُنُقِ

  • ومَن يُقَصِّرُ مدحُ المادِحينَ لَهُ

  • عَجزاً ويَخرَسُ رَبُّ المَنطِقِ الذَّلقِ

  • ويُعوِزُ الفِكرُ فيهِ إنْ أُريدَ لَهُ

  • وصفٌ، ويفضلُ مرآهُ عن الحدقِ

  • علاً مدحَ اللهُ العليُّ بها

  • فقال إنكَ في كلٍّ على خلقِ

  • يا خاتمَ الرسلِ بعثاً، وهي أولُها

  • فضلاً، وفائزُها بالسبقِ والسبقِ

  • جمعتَ كلّ نفيسٍ من فضائلهمْ،

  • مِن كلّ مُجتَمِعٍ منها ومُفترِقِ

  • وجاءَ في محكمِ التوارة ِ ذكرُك والـ

  • ـإنجيلِ والصّحُفِ الأولى على نَسَقِ

  • وخصكَ اللهُ بالفضلِ الذي شهدتْ

  • به، لعمرُكَ، في الفرقانِ من طرقِ

  • فالخلقُ تقسمُ باسمِ اللهِ مخلصة ً،

  • وباسمِكَ أقسمَ ربُّ العرشِ للصدقِ

  • عَمّتْ أياديكَ كلَّ الكائناتِ، وقد

  • خُصّ الأنامُ بجُودٍ منكَ مُندَفِقِ

  • جودٌ تفلتَ أرزاقَ العبادِ به،

  • فنابَ فيهمْ منابَ العارضِ الغدِقِ

  • لو أنّ آدَمَ في خِدرٍ خُصِصَتَ بهِ،

  • لكانَ من شرّ إبليسَ اللّعينِ وُقي

  • أو أنّ عزمكَ في نارِ الخليلِ، وقد

  • مستّهُ، لم يَنجُ منها غيرَ مُحترِقِ

  • لو أنّ بأسكَ في موسَى الكليمِ، وقد

  • نوجي، لما خرّ يومَ الطورِ منصعقِ

  • لوْ أنّ تبعَ في محلِ البلادِ دَعا

  • للهِ باسمكَ، واستسقى الحيا لسُقي

  • لو آمنَتْ بكَ كلُّ النّاسِ مُخلِصة ً،

  • لم يُخشَ في البعثِ من بخسٍ ولا رَهَقِ

  • لو أنّ عبداً أطاعَ اللهَ ثمّ أتَى

  • ببُغضِكُمْ، كانَ عندَ اللَّهِ غَيرِ تَقي

  • لو خالفتكَ كماة ُ الجنّ عاصية ً

  • أركَبَتهم طَبقاً في الأرض عن طَبَقِ

  • لو تودعُ البيضُ عزماً تستضيءُ به

  • لم يُغنِ منها صِلابُ البيضِ والدَّرَقِ

  • لو تَجعَلُ النّقعَ يومَ الحربِ متّصِلاً

  • بالليلِ، ما كشفتهُ غرة ُ الفلقِ

  • مَهّدَتَ أقطارَ أرضِ اللَّهِ، مُنفَتحاً

  • بالبِيضِ والسُّمرِ منها، كلُّ مُنغلِقِ

  • فالحربُ في لذذٍ، والشركُ في عوذٍ،

  • والدينُ في نشزٍ، والكفرُ في نفقِ

  • فضلٌ بهِ زينة ُ الدنيا، فكانَ لها

  • كالتاجِ للرأسِ، أو كالطوقِ للعنقِ

  • وآلكَ الغررِ اللاتي بها عرفتْ

  • سبلُ الرشادِ فكانتْ مهتدى الغرقِ

  • وصحبِكَ النُّجبِ الصِّيد الذينَ جرَوا

  • إلى المناقبِ من تالٍ ومستبقِ

  • قومٌ متى أضمرتْ نفسٌ امرىء ٍ طرفاً

  • من بُغضِهم كانَ من بعد النّعيمِ شَقي

  • ماذا تقولُ، إذا رُمنا المَديحَ، وقَد

  • شَرّفْتنا بمَديحٍ منكَ مُتّفِقِ

  • إن قلتَ في الشّعرِ حكمٌ، والبَيانُ بهِ

  • سحرٌ، فرغبتَ فيهِ كلّ ذي فرقِ

  • فكنتَ بالمدحِ والإنعامِ مبتدئاً،

  • فلو أرَدنا جزاءَ البَعضِ لم نُطِقِ

  • فلا أخلُّ بعذرٍ عن مديحكمُ،

  • ما دامَ فكريَ لم يرتج ولم يعقِ

  • فسوفَ أصفيكَ محض المدحِ مجتهداً،

  • فالخلقُ تفنى ، وهذا إن فنيتُ بقي

  • فسوفَ أصفيكَ محض المدحِ مجتهداً،

  • فالخلقُ تفنى ، وهذا إن فنيتُ بقي



أعمال أخرى صفي الدين الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك