الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
صفي الدين الحلي
- رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
- وأقبلتْ في الدجى تسعى على حذرِ
- راضَ الهوى قلبها القاسي، فجادَ لنا،
- وكانَ أبخلَ من تموزَ بالمطرِ
- رأتْ غَداة َ النّوى نارَ الكَليمِ، وقد
- شبتْ، ولم تبقِ من قلبي ولم تذرِ
- رقتْ إلى الصبّ طولَ الوصلِ راقية ً،
- فقلتُ: قد جئتَ يا موسَى على قدَرِ
- ربيبَة ٌ لو تَراها عندَما سَفَرَتْ،
- والبدرُ ساهٍ إليها سهوَ معتذرِ
- رأيتَ بَدرَينِ من شمسٍ ومن قمَرٍ،
- في ظلّ جِنحَينِ من ليلٍ ومن شعَرِ
- رَشَفتُ بُردَ الحُمَيّا مِن مَراشِفِها،
- فنَبّهَتني إلَيها نَسمة ُ السّحَرِ
- رنتْ نجومُ الدجى نحوي فما نظرتْ
- من يرشفُ الراحَ ليلاً من فمِ القمرِ
- راقَ العِتابُ، فأبدتْ لي سرائرَها،
- في لَيلَة ِ الوَصلِ بل في غُرّة ِ القَمَرِ
- رَثَتْ فلَمّا رأتْ رُسلَ النّوى فغدَتْ
- تُطيلُ عَتبي، وعمرُ اللّيلِ في قِصَر
- رَحبٌ مَقامي بمغناها، فمُذ نَظَرَتْ
- ذمّ المطيّ قضتْ للصفوِ بالكدرِ
- ريعتْ لذمّ المطايا للسرَى قعدتْ،
- وأحذرتني من الأهواليِ في سفري
- رامتْ بذلكَ تخويفي، فقلتُ لها:
- عِندي من الخُبرِ ما يُغني عن الخبرِ
- رِدي، فَما ضَرّني هَولٌ أُكابدُهُ،
- ونائلُ الملكِ المنصورِ في الأثرِ
- رَبِّ النّوالِ، ومحمودِ الخِصالِ، ومِقـ
- ـدامِ النزالِ، وأمنِ الخائفِ الحذرِ
- راعي الأنامِ بعَينٍ غَيرِ راقدَة ٍ،
- قد وُكّلَتْ في أُمورِ الملكِ بالسّهَرِ
- رحبِ الذراعينِ لولا صبحُ غرتهِ،
- لأصبحَ الجودُ فجراً غيرَ منفجرِ
- راضٍ معَ السخطِ يبدي عزمَ منتقمٍ
- للمنذبينَ، ويعفو عفوَ مقتدرِ
- راحاتهُ مذ نشا في الملكِ قد عهدتْ
- يومَ النّدى والرّدى بالنّفعِ والضّرَرِ
- روى مَناقبَهُ الرّاوي، فقُلتُ لهُ:
- جلوتَ سَمعي، فهل تَجلو به بصرِي
- رحْ أيها الملكُ المنصورُ، واغدُ على
- هامِ العُلى آمناً من حادثِ الغيرِ
- رَسمتَ جوداً حكى الطّوفانَ فاعتصَمتْ
- منهُ الخلائقُ بالألواحِ والدسرِ
- رفقتَ بالناسِ في كلّ الأمورِ، فقد
- أضحَى الزّمانُ إلَيهم شاخصَ رَ
- ربوا لديكَ، فلولا أنّ بعضهمُ
- تجلّ عنهُ، لقلنا: يا أبا البشرِ
- رُعتَ العِدى بحُسامٍ لو عدَلتَ بهِ
- عنهم، لأغناكَ عنهُ صارمُ القدرِ
- رفعتَ ذكركَ في يومِ الهياجِ به،
- فأذكرتني بحدّ الصارمِ الذكرِ
- رمتْ إليكَ بنا هوجٌ مضمرة ٌ،
- كأنها في الدجى قوسٌ بلا وترِ
- راحتْ إلى جنة ٍ حلّ العفاة ُ بها
- في الخُلدِ، واتّكأُوا فيها على سُرُرِ
- رَجَعتَ أعتِبُ نَفسي في تأخّرِها
- عَنها، طَوراً أُهَنّي النّفسَ بالظّفَرِ
المزيد...
العصور الأدبيه