الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ،
- واغتَنِمْ غَفلَة َ القَدَرْ
- ليسَ طولُ المَدَى نَصيبْ
- صفوِ عيشٍ بلا كدرْ
- فاجلُ لي كاعباً عروسْ،
- لم تَرُعها يدُ المِزاجْ
- نشرها عطرَ الكؤوسْ،
- وكَسا نُورُها الزّجاجْ
- في الضّحى تشبهُ الشموسْ
- وهيَ تحتَ الدّجى سِراجْ
- فارشفِ الراحَ، يا حبيبْ،
- إنّ في ذاكَ معتبرْ
- لترَى الشمسَ، إذ يغيبْ
- نورُها في فمِ القمرْ
- في رِياضٍ بها الشّقيقْ،
- قد جلا بهجة َ التمامْ
- وزها زهرُها الأنيق،
- إذْ بَكَتْ أعيُنُ الغَمامْ
- وانثَنى غُصنُها الوَريقْ،
- فشَدَتْ فَوقَهُ الحَمامْ
- قامَ شُحرُورُها خَطيبْ،
- راقياً منبرَ الشجرْ
- كُلّما ناحَ عَندَليبْ
- نَقّطَ الدّوحَ بالزَّهَرْ
- قمْ، فإني أرى الزمانْ،
- مُحسِناً بَعدَما أسَا
- قد أضا ليلهُ، وكانْ
- صحبهُ يشبهُ المسَا
- تاهَ مِن عُجبِهِ، فَلانْ
- صعبهُ بعدما قسَا
- قد بَدا عِزُّهُ المَهيبْ،
- وبمَنصورِهِ انتَصَرْ
- ورأى فتحهُ القريبْ
- مِن أبي الفَتحِ يُنتَظَرْ
- ملكٌ أضحكَ السيوفْ،
- فبكتْ أعينُ العدَى
- جدعتْ بيضهُ الأنوفْ،
- ورَوَتْ كَفُّهُ الصّدَى
- صارِمٌ يُمطِرُ الحُتوفْ،
- ويدٌ تمطرُ النَّدَى
- لو دعا عزمهُ النجيبْ
- لقضا اللهِ والقدرْ
- جاءهُ طائعاً مجيبْ،
- سامعاً ما بهِ أمرْ
- قد حمَى رَبعُهُ الحُصونْ،
- فَهوَ للنّاسِ مُلتَجَا
- وإذا خابتِ الظنونْ،
- عندهُ يصدقُ الرَّجَا
- المنَى فيهِ والمنونْ،
- فهوَ يخشَى ويرتجَى
- حبّذا رَبعُهُ الخَصيبْ
- فيهِ يستبشرُ البشرْ
- فاقَ في جُودِهِ الخَصيبْ،
- وسَمَتْ أرضُهُ مُضَرْ
- قد عَلا مَجدُه، فكادْ
- هامة َ المجدِ يرتقي
- ولهُ أضحَتِ العِبادْ
- بينَ راجٍ ومُتّقِي
- باسطُ العدلِ في البلادْ،
- ملكٌ صدرهُ رحيبْ،
- منهُ يستمطرُ المطرْ
- قلبُهُ بالنُّهَى قَليبْ،
- وهوَ يومَ الوغَى حَجَرْ
- لو رأينا يا ابنَ الكِرامْ
- مثلَ عَلياكَ في الدّوَلْ
- لنَظَمنا مِنَ الكَلامْ
- ضعفَ ما نظمَ الأولْ
- درُّ لفظ من النظامْ
- مُخجِلٌ سَبعُها الطُّوَلْ
- فاعتبرْ، أيها اللبيبْ،
- هذه السبعة َ القصرْ
- فيكُمُ لَفظُها يَطيبْ،
- لا بمعنى بها ظَهَرْ
المزيد...
العصور الأدبيه