الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
صفي الدين الحلي
- حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
- وكُفيتَ ما يَلقاهُ مِن بَلبالِهِ
- وأُعيذُ سِرَّكَ أن يكابِدَ بعضَ ما
- لاقَيتُ من قِيلِ العَذولِ وقالِهِ
- يا مَن يُعيرُ الغُصنَ لِينَ قَوامِهِ،
- ويغيرُ بدرَ التّمّ عندَ كمالهِ
- ما حلتِ الواشونَ ما عقدَ الهوَى ،
- تفنى الليالي والغرامُ بحالهِ
- صلْ عاشقاً لولاكَ ما ذكرَ الحمى ،
- ولمَا غدا متغزلاً بغزالِهِ
- واجعَلْ كِناسَكَ في القلوبِ، فإنّها
- تُغنيكَ عن شِيحِ العذيبِ وضالِهِ
- للهِ بالزوراءِ ليلتنا، وقدْ
- جردتُ غصنَ البانِ من سربالهِ
- ورَشَفتُ بَردَ الرّاحِ مِن مَعسولِهِ،
- وضَمَمتُ قَدّ اللّدنِ مِن عَسّالِهِ
- رشأٌ كبدرِ التمّ في إشراقِهِ،
- وكَمالِ طَلعتِهِ وبُعدِ مَنالِهِ
- ما اهتَزْ وافرُ رِدفِهِ في خَطوِهِ،
- إلاّ تَشَكّى الخصرُ من أثقالِهِ
- ما بالهُ أضحَى يشينُ وعيدهُ
- بنَجازِهِ ووُعودَهُ بمِطالِهِ
- ويذيقني طعمَ الملالِ تدللاً،
- فأذوبُ بينَ دلالهِ وملالهِ
- ما ضرّ طيفَ خيالهِ لو أنهُ
- يَسخُو عليّ، ولو بطَيفِ خَيالِهِ
- ما كانَ من فِعلِ الجَميلِ يَضُرُّهُ،
- لو كانَ يَجعَلُهُ زَكاة َ جَمالِهِ
- قسماً بضادِ ضياءِ صبحِ جبينهِ،
- وَوَحَقَّ سِينِ سَوادِ عَنبرِ خالِهِ
- لأُكابدَنّ لهيبَ نارِ صُدودِهِ،
- ولأركبَنّ عُبابَ بَحرِ مَلالِهِ
- ولأُحمِلَنّ اليَمَّ فَرطَ عَذابِهِ،
- وأدومُ مصطبراً على أهوالِهِ
- حتى تَقولَ جَميعُ أربابِ الهَوَى :
- هذا الذي لا ينتهي عن حالهِ
- في ظِلّ مَلْكٍ، مُذ حَللتُ برَبعِه،
- قتلَ الأسودِ، وما دنتْ لقتالهِ
- رشأٌ تفردَ في المحاسنِ فاغتدى
- تفصيلُ رسمِ الحسنِ في إجمالِهِ
- ما حركتْ سكناتُ فاترِ طرفهِ،
- إلاّ وأصمَى القَلبَ وقعُ نِبالِهِ
- حكمتْ فجارتْ في القلوبِ لحاظهُ
- كأكُفّ نجمِ الدّينِ في أموالِهِ
- المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي
- تَخشَى النّجومُ الشُّهبُ شُهبَ نِصالِهِ
- ملكٌ يسيرُ النصرُ عن تلقائِهِ،
- وورائِهِ، ويَمينِهِ، وشِمالِهِ
- مَلِكٌ تَتونُ الأرضُ إذْ يَمشي بها:
- حسبي من التشريفِ مسُّ نعالِهِ
- فإذا دعا الدهرَ العبوسَ أجابهُ
- متعثراً بالرعبِ في أذيالهِ
- سلطانُ عصرٍ عزمه راضَ الورى ،
- فكفاهُ ماضيهِ عنِ استقبالهِ
- أضحَى حِمَى الحَدباءِ عندَ إيابِهِ،
- يستنجدُ الإقبالَ منْ إقبالِهِ
- ضرَبَ الخِيامَ على الحِمى ، فأكفُّهُ
- كَمِياهِهِ، وحُلومُهُ كَجِبالِهِ
- أعطَى وأجزَلَ في العَطاءِ تَبرّعاً،
- حتى سَئِمتُ نِزالَهُ بنَوالِهِ
- ذَلّتْ صُروفُ الدّهرِ لمّا عايَنَتْ،
- دونَ الأنامِ، تعلقي بحبالهِ
- وافَيتُهُ، وكأنّني من رقّهِ،
- فأعَزّني، فكأنّني مِن آلِهِ
- يا ليتَ قومي يعلمونَ بأنني
- أدرَكتُ طِيبَ العيشِ بَعدَ زَوالِهِ
- ما ضلّ فكري في جميلِ صفاتِهِ،
- إلاّ اهتَدى شِعري بحُسنِ خِلالِهِ
- أو أصدأ الأيامُ سيفَ قريحتي،
- إلاّ جعلتُ مديحهُ كصقالِهِ
- يا أيّها الملكُ الذي غدتِ العُلى
- مقرونة ً بجلادِهِ وجدالِهِ
- أغرَقتَ بالإنعامِ عبدَكَ، فاغتَدى ،
- مِن بَحرِكَ التيّارِ، دُرُّ مَقالِهِ
- طوقتهُ بنداكَ طوقَ كرامة ٍ،
- وجعلتَ فيضَ الجودِ من أغلالِهِ
- أصفَى لمحضِ ولاكَ عقدَ ضميرهِ،
- فسِوى مَديحِكَ لا يَمُرُّ ببالِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه