الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> بدتْ لنا الراحُ في تاجٍ من الحببِ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
بدتْ لنا الراحُ في تاجٍ من الحببِ،
صفي الدين الحلي
- بدتْ لنا الراحُ في تاجٍ من الحببِ،
- فمزقتْ حالة َ الظلماءِ باللهبِ
- بكرٌ، إذا زوجتْ بالماءِ أولدها
- أطفالَ دُرٍّ على مَهدٍ من الذّهَبِ
- بَقيّة ٌ من بَقايا قومِ نُوحٍ، إذا
- لاحتْ جلتْ ظلمة َ الأحزانِ والكربِ
- بَعيدَة ُ العَهدِ بالمِعصارِ، لو نَطَقتْ
- لحَدّثَتنا بما في سالِفِ الحِقَبِ
- باكَرتُها برِفاقٍ قد زَهَتْ بهِمُ
- قَبلَ السُّلافِ سُلافُ العِلمِ والأدَبِ
- بكلّ مُتّشحٍ بالفَضلِ مُتّزِرٍ،
- كأنّ في لفظهِ ضرباً من الضربِ
- بل رُبّ لَيلٍ غدا في الآهباتِ غَدَتْ
- تنقضّ فيه كؤوسٌ وهيَ كالشهبِ
- بذلتُ عقلي صداقاً حينَ بتُّ بهِ
- أزوجُ ابنَ سحابِ بابنة ِ العنبِ
- بتنا بكاساتها صرعَى ، ومضربنا
- يعيدُ أرواحنا من مبدأِ الطربِ
- بعثٌ أتانا، فلم ندرِ لفرحتنا
- من نفخة ِ الصورِ أم من نفحة ِ القصبِ
- برَوضَة ٍ طَلَّ فيها الطّلُّ أدمُعَهُ،
- والدهرُ مبتسمٌ عن ثغرهِ الشنبِ
- بكَتْ عَليهِ أساكيبُ الحَيا، فغَدا
- جذلانَ يرفلُ في أثوابهِ القشبِ
- بُسطٌ من الرّوضِ قد حاكتْ مطارِفَها
- يَدُ الرّبيعِ، وجارَتْها يَدُ السّحُبِ
- باتتْ تجودُ علينا بالمياهِ، كما
- جادتْ يدُ الملكَ المنصورِ بالذهبِ
- بحرٌ تَدَفّقَ بحرُ الجُودِ من يَدِه،
- فأصبَحَ المُلكُ يَزهو زَهوَ مُعتَجِبِ
- بادٍ ببذلِ الندى قبلَ السؤالِ، ومن
- في دَولَة ِ التُّركِ أحيا ذِمّة َ العَرَبِ
- بدرٌ أضاءَثغورَ الملكِ فابتسمتْ
- به، فكانَ لثَغرِ المُلكِ كالشّنَبِ
- بنى المعالي، وأفني المالَ نائلهُ،
- فالمُلكُ في عُرُسٍ والمالُ في حَرَبِ
- ببأسِهِ أضحَتِ الأيّامُ جازعَة ً،
- فلا تصاحبُ عضواً غيرَ مضطربِ
- بأسٌ يذللُ صعبُ الحادثاتِ بهِ،
- فأصبَح الدّهرُ يَشكو شدّة َ التّعَبِ
- بهِ تناسيتُ ما لاقيتُ من نصبٍ،
- ولذّة ُ الشِّبعِ تُنسي شدّة السّغَبِ
- بادرتهُ، وعقابُ الهمّ يطردني،
- فاليومَ قد عادَ كالعنقاءِ في الهربِ
- بكم تبلجَ وجهُ الحقّ، يا ملكاً
- بهِ تشرفَ هامُ الملكِ والرتبِ
- بنَيتَ للمَجدِ أبياتاً مُشَيَّدَة ً،
- ولم يمدّ لها لولاك من طنبِ
- بسطتَ في الأرضِ عدلاً لو له اتبعتْ
- نوائبُ الدهرِ لم تعذرْ، ولم تنبِ
- بَلّغتَ سَيفَكَ في هامِ العدوّ، كما
- أنشَيتَ سيفَ العَطا في قِمّة ِ النّشَبِ
- باشر غرائبَ أشعاري، فقَد برَزتْ
- إليكَ أبكارُ أفكاري منَ الحُجُبِ
- بَدائعٌ من قَريضٍ لو أتَيتُ بها
- في غيركم كان منسوباً إلى الكذبِ
- بقيتَ ما دارتِ الأفلاكُ في نعمٍ،
- محرُوسة ٍ من صُروفِ الدّهرِ والنُّوَبِ
المزيد...
العصور الأدبيه