قصائدصفي الدين الحلي



انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،
صفي الدين الحلي



  • انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،

  • والشيبُ في فودِ الظلام قد وخطْ

  • والصّبحُ قد مَدّ إلى نحرِ الدّجَى

  • يداً بها دُرَّ النّجوم تلتقطْ

  • وألهبَ الإصباحُ أذيالَ الدّجَى ،

  • بشمعة ٍ من الشعاعِ لم تقطْ

  • وضَجّتِ الأوراقُ في أوراقِها،

  • لمّا رأتْ سَيفَ الصّباحِ مُخترَطْ

  • وقامَ من فوقِ الجدارِ هاتفٌ

  • متوجُ الهامة ِ ذو فرعٍ قططْ

  • يُخَبّر الرّاقدَ أنّ نَومَهُ

  • عندَ انتباهِ جدهِ من الغلطْ

  • والبدرُ قد صارَ هلالاً ناحلاً،

  • في آخرِ الشهرِ، وبالصبحِ اختلطْ

  • كأنّهُ قَوسُ لُجَينٍ مُوتَر،

  • والليلُ زنجيُّ عليهِ قد ضبطْ

  • وفي يدَيهِ للثّرَيّا نَدَبٌ

  • يزيدُ فرداً واحداً عن النمطْ

  • فأيُّ عذرٍ للرماة ِ، والدّجَى

  • قد عدّ في سلكِ الرّماة ِ وانخرطْ

  • أما تَرَى الغَيمَ الجَديدَ مُقبِلاً،

  • قد مَدّ في الأُفقِ رِداهُ، فانبَسَطْ

  • كأنّ أيدي الزّنجِ في تَلفيقهِ

  • قد لبّدَتْ قُطناً على ثوبٍ شَمَطْ

  • يلمعُ ضوءُ البرقِ في حافاتِه،

  • كأنّ في الجوّ صفاحاً تخترطْ

  • وأظهَرَ الخَريفُ من أزهارِهِ

  • أضعافَ ما أخفَى الرّبيعُ إذ شَحَط

  • ولانّ عطفُ الريحِ في هبوبِها،

  • والطلُّ من بعدِ الهجيرِ قد سقطْ

  • والشمسُ في الميزانِ موزونٌ بها

  • قِسطُ النّهارِ بعدَما كانَ قَسَطْ

  • وأرسلَتْ جِبالُ دَرْبندَ لنا

  • رُسلاً صَبَا القَلبُ إليها وانبَسَطْ

  • من الكراكي الخزريّاتِ التي

  • تقدمُ، والبعضُ ببعضٍ مرتبطْ

  • كأنها، إذا تابعتْ صفوفَها،

  • ركائِبٌ عَنها الرّحالُ لم تُحَطْ

  • إذا قفاها سمعُ ذي صبابة ٍ،

  • مثلي، تقاضاهُ الغرامُ ونشطْ

  • فقُم بنا نَرفُلُ في ثوبِ الصّبَى ،

  • إنّ الرضَى بتركهِ عينُ السخطْ

  • والقتطِ اللذة َ حيثُ أمكنتْ،

  • فإنّما اللذّاتُ في الدهرِ لقطْ

  • إنْ الشّبابَ زائرٌ مُوَدِّعٌ،

  • لا يستطاعُ ردُّهُ، إذا فرطْ

  • أما تَرى الكَركيّ في الجو، وقد

  • نغمَ في أُفقِ السماءِ ولغطْ

  • أنساهُ حبُّ دِجلَة ٍ وطيبُها

  • مواطناً، قد زقَّ فيها ولقطْ

  • فجاءَ يُهدي نَفسَه، وما درَى

  • أنّ الردى قرينهُ حيثُ سقطْ

  • فابرزْ قسياً من كمندِ أتاتِها،

  • إنّ الجيادَ للحروبِ ترتبطْ

  • من كلّ سبَطٍ من هَدايا واسطٍ

  • جَعدِ البَلاغِ منه في الكعبِ نُقَطْ

  • أصلحهُ صالحٌ باجتهادِه،

  • فكلُّ ذي لبّ لهُ فيه غبطْ

  • وما أضاعَ الحزمَ عندَ عزمِها،

  • بل جاوزَ القيظَ وللفصلِ ضبطْ

  • حتى إذا حَرُّ حَزيرانَ خَبَا،

  • وتمّ تموزٌ وآبٌ وشحطْ

  • وجاءَ أيلولٌ بحَرٍّ فاتِرٍ،

  • في نضجِ تعديلِ الثمارِ ما فرطْ

  • أبرزَ ما أ؛رزَ من آلاتهِ،

  • وحلّ من ذاكَ المتاعِ ما ربطْ

  • ومدّ للصنعة ِ كفاً أوحداً،

  • مُنَزَّهاً عنِ الفَسادِ والغَلَطْ

  • وظلّ يستقري بلاغَ عودِها،

  • فنَبّرَ الأطرافَ واختارَ الوَسَطْ

  • وجَوّدَ التّدفيقَ في لحامِها،

  • فأسقَطَ الكِرشاتِ منها والسَّقَطْ

  • ولم يزلْ يبلغُها مراتباً،

  • تلزمُ في صنعتهِ وتشترطْ

  • فعندما أفضتْ إلى تطهيرها

  • صحّحَ داراتِ البُيوتِ والنّقَطْ

  • حتى إذا قمصها بدهنِها،

  • جاءتْ من الصّحّة ِ في أحلى نَمَطْ

  • كأنّها النوناتُ في تعريقها،

  • يعرُجُ منها بُندُقٌ مثلُ النّقَطْ

  • مثلَ السّيورِ في يَدِ الرّامي، فلو

  • شاءَ طواها وحواها في سفطْ

  • لو يقذفُ اليومّ بها مالكُها

  • ما انتقضَ العودُ، ولا الزورُ انكشطْ

  • كأنما بندقها تنازلا،

  • أو من يدِ الرامي إلى الطيرِ خططْ

  • من كلّ مَحنيّ البُيوتِ مُدمَجٍ،

  • ما أخطأ الباري بهِ ولا فرَطْ

  • كأنّهُ لامٌ عليهِ ألِفٌ،

  • وقالَ قومٌ: إنّها اللاّمُ فقَطْ

  • فاجلِ قذى عيوننا ببرزة ٍ

  • تَنفي عن القلبِ الهمومَ والقَنَطْ

  • فما رأتْ من بعدِ هُورِ بابلٍ

  • ومائِهِ التّيّار عيشاً مُغتَبِطْ

  • ونحنُ في مروجهِ في نشوة ٍ

  • عند التّحَرّي في الوُقوفِ للخِطَطْ

  • من كلّ مقبولِ المقالِ صادقٍ،

  • قد قَبَضَ القَوسَ وللنّفسِ بسَطْ

  • يقدُمنا فيها قديمٌ حاذِقٌ،

  • لا كسلٌ يشينهُ ولا قنطْ

  • يحكُمُ فينا حُكمَ داودَ، فلا

  • يَنظُرُ منّا خارجاً عمّا شَرطْ

  • إذا رأى الشرّ تعلّى ، وإذا

  • لاحَ لهُ الخَيرُ تَدَلّى وانَحبَطْ

  • ما نَغَمَ المِزهَرُ والدُّفُّ، إذا

  • فصلَ أدوارَ الضروبِ وضبطْ

  • أطيبُ من تدفدفِ التمّ، إذا

  • دقّ على القَبضِ الجَناحَ وخَبَطْ

  • والطّيرُ شتّى في نَواحيِهِ، فذا

  • فاكتسى الريشَ وهذا قد شمطْ

  • وذاكَ يرعَى في شواطيهِ، وذا

  • على الروابي قد تحصّى ولقطْ

  • فمن جليلٍ واجبٍ تعدادهُ،

  • ومن مراعٍ عدها لا يشترطْ

  • يعرُجُ منّا نحوَها بَنادِقٌ،

  • لم يَنجُ منها مَن تَعَلّى واختَبَطْ

  • فمن كسيرٍ في العبابِ عائمٍ،

  • ومن ذَبيحٍ بالدّماءِ يَغتَبِطْ



أعمال أخرى صفي الدين الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!

واجهه المكتبه تفتح على شكل كتاب!



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك