الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> صفي الدين الحلي >> أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ، >>
قصائدصفي الدين الحلي
- أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ،
- وعروة ِ الملكِ كيفَ تنفصمُ
- واعجبْ لشهبِ البزاة ِ كيفَ غدتْ
- تَسطو علَيها الحِداة ُ والرَّخَمُ
- قد كنتُ أختارُ أن أُغَيَّبَ في
- التربِ، وتبلى عظامي الرممُ
- ولا أرى اليومَ من أكابرِنا
- أسداً وفيها الذئابُ قد حكموا
- ظَنّوا الوِلاياتِ أن تَدومَ لهم،
- فاقتطعوا بالبلادِ، واقتسموا
- واقتَدَحوا بالوَعيدِ نارَ وغى ً؛
- وربّ نارٍ وقودُها الكلمُ
- لم يَعلَموا أيَّ جُذوَة ٍ قَدَحوا،
- وأيَّ أمرٍ إليهِ قد قدمُوا
- بل زَعَموا أن يَصدّنا جزَعٌ؛
- كانتْ يَدُ اللَّهِ فوقَ ما زَعَمُوا
- لا عرفَ العزّ في منازلِنا،
- وأنكرَتنا الصوارمُ الحذمُ
- إن لم نقدْها شعثاً مضمرة ً
- تَذوبُ من نارِ حِقدِها اللُّجُمُ
- بكلّ أزرٍ في مَتنِهِ أسدٌ؛
- وكلّ طودٍ من فوقهِ صنمُ
- من فتية ٍ أرخصوا نفوسهمُ،
- كأنهمْ للحياة ِ قد سئموا
- إن زأروا في الهياجِ تحسبهم
- أسداً عليها من القنا أجمُ
- شوسٌ تظنّ العدى سهامهمُ
- شهباً بها الماردون قد رجموا
- صَغيرُهم لا يَعيبُهُ صِغَرٌ،
- وشيخهم لا يشينُهُ هرمُ
- فَفي القَضايا إن حُكّموا عَدَلوا،
- وفي التّقاضي إن حُوكموا ظلمُوا
- إن صمتوا كانَ صمتهمْ أدباً،
- أو نَطَقوا كانَ نُطقُهم حِكَمُ
- ما عذرُنا، والسيوفُ قاطعة ٌ،
- وأمرُنا في العراقِ مُنتَظِمُ
- وحَولَنا من بَني عُمومتِنا
- كتائبٌ كالغمامِ تزدحمُ
- بأيّ عينٍ نرى الأنامَ، وقد
- تحكمتْ في أسودِنا الغنمُ
- أما حياة ٌ، وربعنا حرمُ
- لا شاعَ ذكري بنَظمِ قافيَة ٍ
- تلوحُ حسناً كأنها علمُ
- ولا اهتدتْ فكرتي إلى دُررٍ
- يُشرِقُ من ضوءِ نُورِها الكَلِمُ
- وشَلّ منّي يَدٌ، عَوائِدُها
- يجولُ فيها الحسامُ والقلمُ
- إن لم أُخضّبْ ملابسي عَلَقاً
- يصبغُ من سيلِ قطرها القدمُ
- وآخذ الثّارَ من عِداكَ، ولو
- تَحَصّنوا بالحصونِ، واعتَصَمُوا
- في وَقعَة ٍ تُسلَبُ العقُولُ بها،
- وأنفُسُ الدّارِعينَ تُختَرَمُ
- إنْ باشَرَتها أقارِبي بيَدٍ
- يوماً، فلي دونهمْ يدٌ وفمُ
- يا صاحبَ الرّتبَة ِ التي نكَصَتْ
- من دونِ إدراكِ شأوِها الهِمَمُ
- قد كنتَ لي ذابلاً أصولُ به،
- ما خِلتُه في الهِياجِ يَنحَطِمُ
- ما كنتُ أخشَى الزّمانَ حينَ غَدا
- خَصمي لعِلمي بأنّكَ الحَكَمُ
- كففتَ عنّا كفّ الخطوبِ، فمن
- بعدِكَ أمسَى الزّمانُ يَنتَقِمُ
- ما ألبستنا الأيامُ ثوبَ علًى
- إلاّ وأنتَ الطّرازُ والعَلَمُ
- عَزّ على المَجدِ أن تَزولَ، وأن
- تُخلِقَ تلكَ الأخلاقُ والشّيَمُ
- تبكي المواضي، وطالما ضحكتْ
- منك وأمسَتْ غُمودَها القِمَمُ
- فاليومَ قد أصبحتْ صوارِمُها،
- وشملُها في الهياجِ منصرِمُ
- يُذكِرُني جودَكَ الغمامُ، إذا
- أصبَحَ دمعُ الغَمامِ يَنسَجِمُ
- إذ كنتَ لي ديمة ً تَسُحّ، ولا
- يَنساكَ قَلبي ما سَحّتِ الدّيَمُ
- لا جَمَدَتْ أدمعي، ولا خمَدتْ
- نارُ أسى ً في حشايَ تضطرمُ
- وكيفَ يَرقَا علَيكَ دمعُ فتًى ،
- ولحمهُ من ثراكَ ملتحمُ
المزيد...
العصور الأدبيه