الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن مشرف >> وإياك والدنيا الدنية إنها >>
قصائدابن مشرف
وإياك والدنيا الدنية إنها
ابن مشرف
- وإياك والدنيا الدنية إنها
- هي السحر في تخييله وافترائه
- متاع غرور لا يدوم سرورها
- وأضغاث حلم خادع ببهائه
- فمن أكرمت يوما أهانت له غدا
- ومن أضحكت قد آذنت ببكائه
- ومن تسقه كأسا من الشهد غدوة
- تجرعه كأس الردى في مسائه
- ومن تكس تاج الملك تنزعه عاجلا
- بأيدي المنايا أو بأيدي عدائه
- إلا أنها للمرء من أكبر العدا
- ويحسبها المغرور من أصدقائه
- فلذاتها مسمومة ووعودها
- سراب فما الظامي يروى من عنائه
- وكم في كتاب الله من ذكر ذمها
- وكم ذمها الأخيار من أصفيائه
- فدونك آيات الكتاب تجد بها
- من العلم ما يجلو الصدا بجلائه
- ومن يك جمع المال مبلغ علمه
- فما قلبه إلا مريضا بدائه
- فدعها فإن الزهد فيها محتم
- وإن لم يقل جل الورى بأدائه
- ومن لم يذرها زاهدا في حياته
- ستزهد فيه الناس بعد فنائه
- فتتركه يوما صريعا بقبره
- رهينا أسيرا آيسا من ورائه
- وينساه أهلوه المفدى لديهم
- وتكسوه ثوب الرخص بعد غلائه
- وينتهب الوارث أمواله التي
- على جمعها قاسى عظيم شقائه
- وتسكنه بعد الشواهق حفرة
- تضيق به بعد اتساع فضائه
- يقيم بها طول الزمان وماله
- أنيس سوى دود سعى في حشائه
- فواها لها من غربة ثم كربة
- ومن تربة تحوى الفتى لبلائه
- ومن بعد ذا يوم الحساب وهوله
- فيجزى به الإنسان أو في جزائه
- ولا تنس ذكر الموت فالموت غائب
- ولا بد يوما للفتى من لقائه
- قضى الله مولانا على الخلق بالفنا
- ولا بد فيهم من نفوذ قضائه
- فخذ أهبة للموت من عمل التقى
- لتغنم وقت العمر قبل انقضائه
- وإياك والآمال فالعمر ينقضي
- وأسبابها ممدودة من ورائه
- وحافظ على دين الهدى فلعله
- يكون ختام العمر عند انتهائه
- فدونك مني فاستمعها نصيحة
- تضارع لون التبر حال صفائه
- مبرأة من كل غش لأنها
- بدت من وديد صادق في إخائه
- أصلي على طول الزمان مسلما
- سلاما يفوق المسك عرف شذائه
- على خاتم الرسل الكرام محمد
- وأصحابه والآل أهل كسائه
- واتباعهم في الدين ما اهتز بالربى
- رياض سقاها طلها بندائه
- وما غردت قمرية في حديقة
- فجاوبها ورق بصوت غنائه
المزيد...
العصور الأدبيه