الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن مشرف >> هو الموت ما منه ملاذ ومهرب >>
قصائدابن مشرف
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
ابن مشرف
- هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
- متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
- نشاهد ذا عين اليقين حقيقة
- عليه مضى طفل وكهل وأشيب
- ولكن على السران القلوب كأننا
- بما قد علمناه يقينا تكذب
- نؤمل آمالا ونرجو نتاجها
- وعل الردى مما نرجيه أقرب
- ونبني القصور المشجرات في الهواء
- وفي علمنا أنا نموت وتخرب
- ونسعى لجمع المال حلا ومأتما
- وبالرغم يحويه البعيد وأقرب
- نحاسب عنه داخلا ثم خارجا
- وفيم صرفناه ومن أين يكسب
- ويسعد فيه وارث متعفف
- تقي ويشقى فيه آخر يلعب
- وأول ما شيدوا ندامة مسرف
- إذا اشتد فيه الكرب والروح تجذب
- ويشفق من وضع الكتاب ويمتن
- لو أن رد للدنيا وهيهات مطلب
- ويشهد منا كل عضو بفعله
- وليس على الجبار يخفى المغيب
- إذا قيل أنتم قد علمتم فما الذي
- علمتم وكل في الكتاب مرتب
- وماذا كسبتم في شباب وصحة
- وفي عمر أنفاسكم فيه تحسب
- فيا ليت شعري ما تقول وما الذي
- نجيب به والأمر إذ ذاك أصعب
- إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا
- وفي كل يوم واعظا لموت يندب
- ولله كم غاد حبيب ورائح
- نشيعه للقبر والدمع يسكب
- أخ أو حميم أو تقي مهذب
- يواصل في نصح الصبا ويدأب
- نهيل عليه الترب حتى كأنه
- عدو وفي الأحشاء نار تلهب
- سقى جدشا وأرى ابن أحمد وابل
- من العفو رجاس العشيات صيب
- وانزله الغفران والفوز والرضى
- يطاف عليه بالرحيق ويشرب
- فقد كان في صدر المجالس بهجة
- به تحدق الأبصار والقلب يرهب
- فطورا تراه منذرا ومحذرا
- عواقب ما تجني الذنوب وتجلب
- وطورا بآلاء الإله مذكرا
- وطورا إلى دار النعيم يرغب
- ولم يشتغل عن ذا ببيع ولا شرا
- نعم في ابتناء المجد للبذل يطرب
- فلو كان يفدى بالنفوس وما غلا
- لطبنا نفوسا بالذي كان يطلب
- ولكن إذا تم المدى نفذ القضا
- وما لامرىء عما قضى الله مهرب
- أخ كان لي نعم المعين على التقى
- به تنجلي عني الهموم وتذهب
- فطورا بأخبار الرسول وصحبه
- وطورا بآداب تلذ وتعذب
- على ذا مضى عمري كذاك وعمره
- صفين لا تجفو ولا نتعب
- وما الحال إلا مثل ما قال من مضى
- وبالجملة الأمثال للناس تضرب
- لكل اجتماع من خليلين فرقة
- ولو بينهم قد طاب عيش ومشرب
- ومن بعد ذا حشر ونشر وموقف
- ويوم به يكسي المذلة مذنب
- إذا فر كل من أبيه وأمه
- كذا الأم لم تنظر إليه ولا الأب
- وكم ظالم يندي من العض كفه
- مقالته يا ويلتي أين أذهب
- إذا اقتسموا أعماله غرماؤه
- وقيل له هذا بما كنت تكسب
- وصك له صك إلى النار بعدما
- يحمل من أوزارهم ويعذب
- وكم قائل واحسرتا ليت أننا
- نرد إلى الدنيا ننيب ونرهب
- فما نحن في دار المنى غير أننا
- شغفنا بدنيا تضمحل وتذهب
- فحثوا مطايا الإرتحال وشمروا
- إلى الله والدار التي ليس تخرب
- فما اقرب الاتى وأبعد ما مضى
- وهذا غراب البين في الدار ينصب
- وصل إلهي ما همي الورق أو شدا
- على الأيك سجاع الحمام المطرب
- على سيد السادات والآل كلهم
- وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب
المزيد...
العصور الأدبيه