الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> ما للمدامِ تديرُهَا عيناكِ، >>
قصائدابن زيدون
ما للمدامِ تديرُهَا عيناكِ،
ابن زيدون
- ما للمدامِ تديرُهَا عيناكِ،
- فيميلُ في سكرِ الصِّبَا عطفاكِ؟
- هَلاّ مَزَجْتِ لَعاشِقِيكِ سُلافَها
- ببرودِ ظلمِكِ أو بعذْبِ لماكِ؟
- بلْ ما عليكِ، وقد محضْتُ لكِ الهوى ،
- في أنْ أفوزَ بحظوة ِ المسواكِ؟
- ناهِيكِ ظُلْماً أنْ أضَرْ بيَ الصّدَى
- بَرْحاً، وَنَالَ البُرْءَ عُودُ أرَاكِ
- واهاً لعطفِكِ، والزّمانُ كأنّما
- صبغَتْ غضارَتُهُ ببردِ صباكِ
- وَاللّيلُ، مَهْمَا طالَ، قَصّرَ طُولَهُ
- هاتي، وَقَدْ غَفَلَ الرّقيبُ، وَهاكِ
- وَلَطَالَمَا اعْتُلّ النّسِيمُ، فَخِلتُهُ
- شكْوَايَ رَقَتْ فَاقْتَضَتْ شَكْوَاكِ
- إنْ تَألَفي سِنَة َ النّؤومِ خَلِيّة ً،
- فلطالمَا نافَرْتِ فيّ كراكِ
- أوْ تَحْتَبي بالهَجْرِ في نادي القِلى ،
- فَلَكمْ حَلَلْتُ إلى الوِصَالِ حُبَاكِ
- أمّا مُنى نَفْسِي، فَأنْتِ جَمِيَعُهَا؛
- يا لَيْتَني أصْبحْتُ بَعْضَ مُنَاكِ
- يدنُو بوصلِكِ، حينَ شطّ مزارُهُ،
- وهمٌ، أكادُ بهِ أقبّلُ فاكِ
- وَلَئِنْ تَجَنّبْتِ الرّشَادَ بِغَدْرة ٍ
- لمْ يهوِ بي، في الغيّ، غيرُ هواكِ
- للجَهْوَرِيّ، أبي الوَليدِ، خَلائِقٌ
- كالرّوْضِ، أضْحَكَهُ الغَمَامُ الباكي
- ملكٌ يسوسُ الدّهرَ منهُ مهذَّبٌ،
- تَدْبِيُرهُ للمُلْكِ خَيْرٌ مِلاكِ
- جَارَى أبَاهُ، بَعدَ ما فَاتَ المَدَى ،
- فَتَلاهُ بَينَ الفَوْتِ وَالإدْرَاكِ
- شمسُ النّهارِ وبدرُهُ ونجومُهُ
- أبناؤهُ، منْ فرقدٍ وسماكِ
- يَسْتَوضحُ السّارُونَ زُهْرَ كَواكِبٍ
- مِنْهُمْ تُنِيرُ غَيَاهِبَ الأحْلاكِ
- بشراكِ يا دنْيَا، وبشرانَا معاً،
- هَذا الوَزِيرُ أبُو الوَلِيدِ فَتَاكِ
- تْلْفَى السّيادة ُ ثَمّ إنْ أضْلَلْتِها،
- وَمَتى فَقَدْتِ السّرْوَ، فهوَ هُنَاكِ
- وَإذا سَمِعْتِ بِوَاحِدٍ جُمِعَتْ لَهُ
- فِرَقُ المَحَاسِنِ في الأنَامِ، فَذَاكِ
- صَمْصَامُ بادِرَة ٍ، وَطَوْدِ سكينَة ٍ،
- وَجَوَادُ غَايَاتٍ، وَجِذْلِ حِكاكِ
- طَلْقٌ يُفَنَّدُ في السّماحِ، وَجاهِلٌ
- منْ يستشفّ النّارَ بالمحراكِ
- صنعُ الضّميرِ، إذا أجالَ بمهرَقٍ
- يمناهُ، في مهلٍ، وفي إيشاكِ
- نظمَ البلاغة َ، في خلال سطورِهِ،
- نَظْمَ الّلآلي التُّومِ في الأسْلاكِ
- نَادَى مَساعِيَهُ الزّمَانُ مُنَافِساً؛
- أحْرَزْتِ كُلّ فَضِيلَة ٍ، فَكَفَاكِ
- ما الوردُ، في مجناهُ، سامرَهُ الندى
- مِتَحَلّياً، إلاّ بِبَعْضِ حُلاكِ
- كلاّ ولا المسكُ، النَّمومُ أريجُهُ،
- متعطّراً، إلاّ بوسمِ ثناكِ
- اللّهوُ ذكرُكِ، لا غناءُ مرجِّعٍ،
- يفتنّ في الإطلاقِ والإمساكِ
- طارتْ إليكِ بأوْليائِكِ هزّة ٌ،
- تهفو لها أسفاً قلوبُ عداكِ
- يا أيّهَا القَمَرُ، الّذِي لِسَنَائِهِ
- وَسَنَاهُ تَعْنُو السَّبْعُ في الأفْلاكِ
- فرحُ الرّياسة ِ، إذْ ملكتَ عنانها،
- فرحُ العروسِ بصحّة ِ الإملاكِ
- من قالَ إنّكَ لستَ أوحدَ في النُّهَى
- والصّالحاتِ، فدانَ بالإشراكِ
- قلِّدْنيَ الرّأيَ الجميلَ، فإنّهُ
- حسبي ليومَيْ زينة ٍ وعراكِ
- وغذا تحدّثَتِ الحوادثُ بالرَّنَا
- شَزْراً إليّ، فَقُلْ لَها: إيّاكِ
- هوَ في ضَمانِ العَزْمِ، يَعبِسُ وَجهُهُ
- للخطْبِ، والخلقِ النّدي الضّحَاكِ
- وَأحَمَّ دارِيٍّ، تَضَاعَفَ عِزُّهُ،
- لمّا أهينَ بمسحَقٍ ومداكِ
- والدَّجنُ، للشّمسِ المنيرة ِ، حاجبٌ،
- والجفنُ مثوَى الصّارمِ الفتّاكِ
- هَنَأتْكَ صِحّتُكَ، التي، لَوْ أنّها
- شَخْصٌ أُحَاوِرُهُ، لَقُلْتُ هَنَاكِ
- دامَتْ حَيَاتُكَ ما استُدمتَ فلم تزَلْ
- تَحْيَا بكَ الأخْطارُ بَعدَ هَلاكِ
المزيد...
العصور الأدبيه