الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن خفاجة >> جرّرْ ملاءة َ كلّ يومِ شامسِ >>
قصائدابن خفاجة
جرّرْ ملاءة َ كلّ يومِ شامسِ
ابن خفاجة
- جرّرْ ملاءة َ كلّ يومِ شامسِ
- واسحَبْ ذُؤابَة َ كلّ لَيلٍ دامِسِ
- واطلُعْ بكلّ فَلاة ِ أرضٍ غُرّة ً،
- غَرّاءَ، في وَجهِ الظّلامِ العابِسِ
- وانزلْ بها ضيفاً لليثٍ خادرٍ
- يَقريكَ، أو جاراً لظَبيٍ كانِسِ
- وإذا طَعِمتَ فمن قَنيصٍ فِلذَة ً،
- وإذا شَرِبتَ فمن غَمامٍ راجِسِ
- والرّيحُ تَلْوي عِطفَ كلّ أراكَة ٍ،
- ليَّ السرى وهناً لعطفِ الناعسِ
- و سلِ الغنى من ظهرِ طرفٍ أشقرٍ
- يطأُ القتيلَ وصدرِ رمحٍ داعسِ
- و ارجمْ برأيكَ شدقَ ليثٍ ضاغمٍ
- طَلَبَ الثَّراءَ، ونابَ صِلٍّ ناهِسِ
- وارغَبْ بنَفسِكَ عن مَقامة ِ فاضِلٍ،
- قد قامَ يَمثُلُ في خَصاصَة ِ بائِسِ
- فالحرّ مفتقرٌ إلى عزّ الغنى
- فقرَ الحسامِ إلى يمينِ الفارسِ
- و إذا عزمتَ فلا عثرتَ بحادثٍ
- فركبتَ منهُ ظهرَ صعبٍ شامسِ
- فافزَعْ إلى قاضي الجَماعَة ِ، رَهْبَة ً،
- تضعِ العنانَ بخيرِ راحة ِ سائسِ
- و استسقِ منهُ إن ظمئتَ غمامة ً
- يَخضَرّ عَنها كلُّ عُودٍ يابِسِ
- فإذا رَوِيتَ بماءِ ذاكَ المُجتَلى ،
- فَحَذارِ من أُلهوبِ ذاكَ الهاجِسِ
- من آل حمدينَ الألى حليتَ بهمْ
- قدماً صدورُ كتائبٍ ومدارسِ
- من أسرة ٍ نشأوا غمائمَ أزمة ٍ
- و لربما طلعوا بدورَ حنادسِ
- متطلعينَ إلى الحروبِ كأنما
- يستطيعونَ بها وجوهَ عرائسِ
- و جروا بميدانِ المكارمِ والعلى
- وكأنّما رَكِبوا ظُهُورَ رَوامِسِ
- و جنوا ثمارَ النصرِ من غرسِ القنا
- بأكفهمْ ولنعمَ غرسُ الغارسِ
- فهم لبابُ المجدِ نجدة َ أنفسٍ
- وذَكاءَ ألبابٍ، وطِيبَ مَغارِسِ
- وهُمُ رِياضُ الحَزْنِ نُضرَة َ أوجُهٍ،
- وجَمالَ أردانٍ، وحُسنَ مَجالسِ
- من كلّ أروَعَ راعَ كلَّ ضُبارِمٍ
- بأساً، وذَلّلَ نَفسَ كلِّ مُنافِسِ
- خلعَ الثناءُ عليهِ أكرمَ حلية ٍ
- يُزهَى بها، في الدّستِ، عِطفُ اللاّبِسِ
- سلسُ الكلامِ على السماعِ كأنه
- سِنَة ٌ تَرَقرَقُ بَينَ جَفْنَيْ ناعِسِ
- ما إن يُمازُ، من الشّهابِ، طَلاقَة ً،
- حتى تمَدّ إليهِ كفُّ القابسِ
- تَرَكَ الأعادي بينَ طَرْفٍ خاشِعٍ
- لا يستقلّ وبينَ رأسٍ ناكسِ
- وزَكا فلَم يُطرَفْ بنَظرَة ِ خائِنٍ،
- يوماً، ولم يُعرَفْ بعَهدٍ خائِسِ
- مُتَقَلِّبٌ ما بَينَ عَزمٍ غارِسٍ
- للمكرُماتِ، وبَينَ حَزمٍ حارِسِ
- وذكاءُ فَهْمٍ لو تَمَثّلَ صارِماً
- لم يأتَمِنْ، ظُبَتَيهِ، عاتِقُ فارِسِ
- ومَقامُ حُكمٍ عادِلٍ لا يَزدَري،
- فيهِ، المُعَلّى خَطُوهُ بالنّافسِ
- و مجالُ حربٍ جرّ فيهِ لامة ً
- قد قامَ منها في غَديرٍ حامِسِ
- يطأُ العِدى ما بينَ نصلٍ ضاحكٍ
- تحتَ العَجاجِ، ووَجهِ طِرْفٍ عابسِ
- في حَيثُ يَلعَبُ بالقَنَاة ِ، شهَامَة ً،
- لعبَ النّعامى بالقضيبِ المائسِ
- أحسنْ بقرطبة ٍ وقد حملتْ بهِ
- حُسنَ الفَتاة ِ ولُبسَ خُلقِ العانسِ
- و تتوّجتْ بمنارِ علمٍ ساطعٍ
- قد قامَ فوقَ قَرارِ دينٍ آنِسِ
- وتَخايَلَتْ عِزّاً بهِ، في عِصمَة ٍ،
- صحتْ بها من كلّ داءٍ ناخسِ
- يُزهَى برَيطٍ، للصّبيحَة ِ، أبيَضٍ،
- تندى وبُردٍ للعشية ِ وارسِ
- فانهضْ أبا عبدِ الإلهِ بآملٍ
- قد جابَ دونَكَ كلَّ خَرقٍ طامِسِ
- عاجَ الرّجاءُ على عُلاكَ به، فلَمْ
- يَعُجِ المَطيَّ برَسمِ رَبعٍ دارِسِ
- فاشفَعْ لمُغتَرِبٍ رَجاكَ، على النّوَى ،
- يمددْ إلى الحضراءِ راحة َ لامسِ
- وامدُدْ إلَيهِ بكَفّ جَدٍ قائِمٍ،
- تَجذِبْ بِه من ضَبْعٍ جَدٍّ جالسِ
- فلَرُبّ يَومٍ قد رَفَعتَ بهِ المُنى ،
- و محوتَ فيهِ سواد ظنّ البائسِ
- وبَقيتَ تَجتَلِبُ النّفُوسَ نَفاسَة ً
- وبَشاشَة ً، ووُقيتَ عَينَ النّافِسِ
المزيد...
العصور الأدبيه