الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن الزقاق البلنسي >> بأيّ نعيّ صبحتنا الركائب >>
قصائدابن الزقاق البلنسي
- بأيّ نعيّ صبحتنا الركائب
- وفي أيِّ عِلْقٍ حاربتنا النوائبُ
- أحقاً فتى الفتيان سلم للردى
- وأسلمه جيرانه والأقاربُ
- بكتْه سيوفُ الهندِ ملءَ جفونها
- وَسُمْرُ العوالي والعِتاقُ الشوازب
- وأصبحت العلياء غفلاً كأنها
- رسوم محتهن الصبا والجنائبُ
- وما راعنا إلا الوفود وقد يجلت
- ضمائرَهُمْ تلك الدموعُ السواكب
- إذا سئلوا عن آل داوود أعولوا
- كما أعولت ورق الحمام النوادبُ
- فمن نبأ تسود منه قلوبنا
- وَمِنْ حَدَثٍ تبيضُّ منه الذوائب
- أغارت على الشمّ المغاوير منهم
- رعالُ جيوشٍ للردى وَمَقَانب
- فلم يُغنِ جُردٌ في الأعنّة ِ شُهِّرَت
- ولم تُجْدِ بيضٌ في الأكفِّ قواضب
- ويا لمضائ المشرفية دونهم
- لو کن المنايا إذ سرَينَ كتائب
- لئن كان يُذرَى الدمعُ حزناً ولوعة ً
- لقد آن أن تذرى الدموع السواربُِ
- لمسفر صبح دونه الموت سافر
- وحاجبِ شمسٍ دونها الثكلُ حاجب
- وهضبة ِ حلمٍ منْ شمارخها النُّهى
- وزهرة مجد من رباها المناقب
- تضمَّن منه القبرُ حَلْيَ شبيبة ٍ
- يُخَيِّلُ لي أنَّ الترابَ ترائب
- فواحزنا أَلا أُشَاهِدَ مجلساً
- تُشَاهِدُهُ أخلاقُهُ والضَّرائب
- ويا أسفا الاّ أطيقَ ابتسامة ً
- إذا خطبت للهمّ حولي غياهب
- لئن أمست الولدان شيباً لموته
- فكم شبّ في أحوى حماه الأشايب
- وإن صَفِرَتْ منه يدُ المجدِ والعلا
- فكم ملئت من راحتيه الحقائب
- يقول أناس لو تعزّيت بعده
- فكلُّ عزاءٍ في مصابك عازِبُ
- و والله ما طرفي عليك بجامد
- وهل تجمد العينان والقلب ذائب
- ولا لغليل البرح بعدك ناضح
- ولو نشأتْ بين الضلوعِ سحائب
- رويد الليالي كم تهمّ بضيمنا
- وتطرقنا منها هموم نواصب
- نُسالمُ هذا الدهرَ وهو محاربٌ
- ونطمَع في إعتابِه وهو عاتب
- تُسَاقُ أَبيّاتُ النفوسِ ذليلة
- إليه وتنقاد القروم المصاعبُ
- لئن غلب الليث الهصور وشبله
- فما لهما يوماً سوى الله غالبُ
- هو القدر المحتوم إن جاء مقدماً
- فلا الغاب محروس ولا الليث واثبُ
- وكائن طلبنا العيش صفواً جمامه
- فلم تخلُ منْ رَنْقِ الخطوبِ المشارب
- وَمَنْ يَبْلُ أنفاسَ الورى ونفوَسهُمْ
- يَجِدْهَا ديوناً تَقْتَضيها النوائب
- وما تفتر الأيام تطلبنا بها
- فيُدْرَكُ مطلوبٌ وَيظفَرُ طالب
- وما الناس إلا خائضوغمرة الردى
- فطاف على ظهر التراب وراسب
- أبا حَسنٍ طال الحجابُ ولم يكنْ
- يعوق رجائي عن لقائك حاجبُ
- أبا حَسنٍ قد آب كلُّ مودِّعٍ
- فمَن ضامنٌ للمجدِ أنكَ آيب
- أنبكيكَ أم نبكي أباك لِغارة ٍ
- تشن ، لقد ضاقت علينا المذاهب
- تزلزل من طود الكهولة باذخ
- وأُخمدَ من نورِ الشبيبة ِ ثَاقِبُ
- وصوح أصل المعلوات وفرعها
- وقد يتبع الأصل الفروع الأطايبُ
- بأيِّ اتّفاقٍ والحياة ُ بمائها
- وأي اتفاق بعد والعيش ناضبُ
- نوائب لم يقنعنا منكم بواحد
- وواحدُكُمْ عن مَشْهَد الكلِّ نائب
- فليت العلا إذ جف منهن جانب
- تَبَقّى على عَهْدِ الغَضارة ِ جانب
- وليتَ بحارَ الجوادِ إذ غاض ماؤها
- تدومُ لنا تلكَ العِهاد الصَّوائب
- فيا عجباً للسّيدين طوتهُما
- معاً حادثات كلهن عجائبُ
- أكانا على وعد من الموت صادق
- فخانهما وعدٌ من العيش كاذب
- عزاءً بني داودَ إنَّ قلوبكم
- صوارم تفري الحزن منها مضارب
- فمن يصدع الخطب الملم صفاته
- فعَزْمُكُم المشهورُ للصّدْعِ شاعب
- وكيف بهذا الموتِ إنْ كانَ صَبَرُكُمْ
- وفيه لباناتٌ لكم ومآرب
- وكم مَشْرَعٍ حامتْ عليه نفوسُكُمْ
- ولا ماءَ إلاَّ المُرْهَفَاتُ القواضب
- وما زلتُم في الرَّوْعِ مُعْتنقي القَنَا
- كما اعتنقت يوم الوداع الحبائبُ
- بقيتم ومحذور الردى متنصل
- ومعتذرٌ ممّا جَنَاهُ وتائب
- ولا زال روح الله يسري لأعظم
- تغاير في سقي ثراه السحائبُ
المزيد...
العصور الأدبيه