الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> كشاجم >> تُرِيكَ مُرورُ الليالي العِبَرْ >>
قصائدكشاجم
تُرِيكَ مُرورُ الليالي العِبَرْ
كشاجم
- تُرِيكَ مُرورُ الليالي العِبَرْ
- والوِرْدُ في كلّ حَالٍ صَدَرْ
- سحبتُ على الدّهرِ ذيلَ الشّبابِ
- ولا زلتُ أَنضِيِهِ حتّى حَسَرْ
- ولم يبقَ لي منه إلاَّ كما
- تَرَى في الرّياضِ بَقَايَا الزّهَرْ
- سوادٌ أَظَلَّ عليهِ البَيَاضُ
- كليلٍ أظلَّ عليهِ السّحَرْ
- فَرَائيَ في الهَوَة رأيُ الذي
- يُقَدّمُ في الزّادِ قبلَ السّفَرْ
- بِبَذْلِ الدّنَانِ وعرفِ القِيَانِ
- وَخَلْعِ العذارِ وَفَضّ العُذُرْ
- ونادى ربَّي وَدَاعِي المشيبِ
- ويقتادُنِي أَوليات الكَبِرْ
- يُنشّطُني أُخرياتِ الشّبابِ
- قَتَارٌ وهيّ بذاتِ الأَثَرْ
- فنفسي تشوقُ إلى الغانِيَاتِ
- وقلبي بهم يأبى أَنْ يَنْزَجِرْ
- وبأبىى لهُ ذاكَ وَرْدُ الخدودِ
- وصُبْحُ الوجوهِ وليلُ الشّعَرْ
- وأُعطي قِيَادِيَ كَفَّ المجونِ
- وأُخْفِي فُنوناً وأُبدِي أَشَرْ
- وَأُكذِبُ نفسيَ في بَعْضِ ما
- أَحَصّلُهُ من حِسَابِ النّمَرْ
- أَقولُ سَقى اللهُ عَهْدَ الصِّبا
- ليالي إذا نابَ الدّهر غر
- وإذ عُذْرِيَ واضحٌ بالشّبابِ
- وسُكريَ فيهِ أشّدَ السّكرْ
- أَصِيدُ وَتَصْطَادُني تارة ْ
- ظباءُ القُصُور بحُسْنِ الحَوَرْ
- إذا ماتتوّجنَ أكوَارَهُنَّ
- وخَطَطْنَ بالعاجِ شَكلَ الطّرَرْ
- وعلّقْنَ سُودَ مسَابحهنَّ
- دُوَيْنَ النُّهُودِ وفَوقَ السُّرَرْ
- وأومضَ حولي بروقُ الثّغو
- رِ عَنْ بَرَدٍ فيهِ مِسْكٌ وَدُرّْ
- ولا كان أكلي مع الغانِيَاتِ
- يلذُّ ولا شُرْبيَ بالغَمَرْ
- يُرَوّعني شامِتاً في البياضِ
- أخٌ قَدْ قَضَى منْ شَبَابٍ وَطَرْ
- وقد كانَ يحدثُني بالسّوادِ
- فلمّا رآنيَ قَد شِبْتُ سُرْ
- ومِثلُكَ قد صِرتُ رسماً عَفَا
- فَقِفْ لي ولاتُخْفِني يا عُمَرْ
- وساعدْ أخاكَ على شُربِها
- بميساءَ من حِمْصَ وَسْطَ الزّهَرْ
- عُقاراً كَدِيِنكَ في لُطْفِها
- وأَخلاقِكَ الواضِحَاتِ الغُرَرْ
- غذا مُزِجَتْ لِيَ في كأسِهَا
- أطارَ على جَانِبيها الشّرَرْ
- كأَنَّكَ شَاكَلْتَهَا وبالصَّفا
- وأَشْبَهْتَهَا بالنَّسِيمِ العَطِرْ
- تَمَسَّكتْ النّارُ مِنْ جسمِهَا
- فلَمْ يبقَ في الصّفو مِنْهَا كَدَرْ
- ألستَ ترى المرجَ مْعُشَوْشِباً
- لَبِسْنَ الرّياضَ مَرِيعاً خُضُرْ
- كأَنَّ الّذي دَبَّجَتْ تستهز
- وطرّزَتِ السوسنَ فيهِ نَشَرْ
- وَقَدْ ضربتْ فيهِ خيمائها
- وعدَّلَ تشرينُ برداً بِحَرْ
- وراحَتء تُجَاوبُ أَطيَارَهُ
- كما جاوبَ النّايُ وَقْعَ الوَتَرْ
- وجاءَ الطّهاة ُ بِمَا تشتَهيـ
- ومِمَّا استُزِيدَ وَمِمَّا حَضِرْ
- وطابَ المزاجُ ولذَّ الشّرابُ
- ومدَّ الأريدُ بماءٍ خَصِرْ
- تَعَاليلُ إن أنتَ أغْفَلتَهَا
- تذكَّرتَها حِينَ لا مُدَّكَرْ
- فَخُذْ من صَفَا العيشِ قَبْلَ الكَدَرْ
- ومنْ ظَاهِرِ الأَمرِ قَبْلَ الخَفَرْ
المزيد...
العصور الأدبيه