الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> ملامي النوى في ظلمها غاية الظلم >>
قصائدالمتنبي
ملامي النوى في ظلمها غاية الظلم
المتنبي
- ملامي النّوى في ظُلْمِها غايةُ الظّلمِ
- لَعَلّ بها مِثْلَ الذي بي من السُّقْمِ
- فَلَوْ لم تَغَرْ لم تَزْوِ عني لِقاءَكُم
- ولَوْ لم تُرِدكم لم تكن فيكمُ خصْمي
- أمُنْعِمَةٌ بالعَوْدَةِ الظّبْيَةُ التي
- بغَيرِ وَليٍّ كانَ نائِلُها الوَسمي
- تَرَشّفْتُ فاهَا سُحْرَةً فكأنّني
- تَرَشّفْتُ حرّ الوَجدِ من بارِدِ الظَّلمِ
- فَتاةٌ تَساوَى عقدُها وكَلامُها
- ومَبسِمُها الدُّرّيُّ في الحسنِ والنّظمِ
- ونَكْهَتُها والمَنْدَليُّ وقَرْقَفٌ
- مُعَتَّقَةٌ صَهباءُ في الرّيحِ والطّعمِ
- جَفَتْني كأنّي لَستُ أنْطَقَ قَوْمِها
- وأطعنَهم والشُّهبُ في صورةِ الدُّهمِ
- يُحاذِرُني حَتْفي كأنّيَ حَتْفُهُ
- وتَنْكُزُني الأفعَى فيَقتُلُها سُمّي
- طِوالُ الرُّدَيْنِيّاتِ يَقْصِفُها دَمي
- وبِيضُ السُّرَيجيّاتِ يَقطَعُها لحمي
- برَتْني السُّرَى برْيَ المُدى فرَدَدْنَني
- أخَفَّ على المركوبِ من نَفَسي جِرْمي
- وأبصرَ من زرقاءِ جَوٍّ لأنّني
- متى نَظَرَتْ عَينايَ ساواهما عِلمي
- كأنّي دحوْتُ الأرضَ من خبرتي بها
- كأنّي بَنى الإسكَندرُ السدّ من عزْمي
- لألقَى ابنَ إسحقَ الذي دَقّ فَهْمُهُ
- فأبْدَعَ حتى جَلّ عن دِقّةِ الفَهْمِ
- وأسْمَعَ مِنْ ألفاظِهِ اللّغَةَ التي
- يَلَذّ بها سمعي ولَوْ ضُمّنتْ شَتمي
- يَمينُ بني قَحْطانَ رأسُ قُضاعَةٍ
- وعِرْنينُها بدرُ النّجُومِ بَني فَهْمِ
- إذا بَيّتَ الأعداءَ كانَ سَمَاعُهُمْ
- صَريرَ العَوَالي قَبلَ قَعقَعَةِ اللُّجمِ
- مُذِلُّ الأعزّاءِ المُعِزُّ وإنْ يَئِنْ
- بهِ يُتْمُهُمْ فالمُوتِمُ الجابرُ اليُتْمِ
- وإنْ تُمْسِ داءً في القُلُوبِ قَنَاتُهُ
- فمُمْسِكُها منْهُ الشّفاءُ منَ العُدمِ
- مُقَلَّدُ طاغي الشّفرَتَينِ مُحَكَّمٍ
- على الهامِ إلاّ أنّهُ جائرُ الحُكْمِ
- تَحَرّجَ عن حَقْنِ الدّماءِ كأنّهُ
- يرَى قتل نفس ترْكَ رَأسٍ على جسْمِ
- وَجَدْنا ابنَ إسحقَ الحُسينَ كحَدّهِ
- على كَثْرَةِ القَتلى بَريئاً من الإثْمِ
- مَعَ الحَزْمِ حتى لوْ تَعَمّدَ تَرْكَهُ
- لألحَقَهُ تَضييعُهُ الحَزْمَ بالحَزْمِ
- وفي الحَرْبِ حتى لوْ أرادَ تأخّراً
- لأخّرَهُ الطّبْعُ الكَريمُ إلى القُدْمِ
- لَهُ رَحمَةٌ تُحيي العِظامَ وغَضْبَةٌ
- بها فَضلَةٌ للجُرْمِ عن صاحبِ الجُرْمِ
- ورِقّةُ وجْهٍ لوْ خَتَمْتَ بنَظرَةٍ
- على وَجْنَتَيْهِ ما انمَحَى أثرُ الخَتمِ
- أذاقَ الغَواني حُسنُهُ ما أذَقْنَني
- وعَفّ فجازاهنّ عني على الصَّرْمِ
- فِدًى مَنْ على الغَبراءِ أوّلُهُمْ أنَا
- لهذا الأبيّ المَاجِدِ الجائِدِ القَرْمِ
- لقد حالَ بينَ الجِنّ والأمنِ سَيفُهُ
- فما الظنّ بعد الجنّ بالعُرْبِ والعُجمِ
- وأرْهَبَ حتى لوْ تَأمّلَ دِرْعَهُ
- جَرَتْ جَزَعاً من غَيرِ نارٍ ولا فَحمِ
- وجَادَ فَلَوْلا جُودُهُ غيرَ شارِبٍ
- لَقُلْنا كَريمٌ هَيّجَتْهُ ابنَةُ الكرْمِ
- أطَعْناكَ طوْعَ الدّهرِ يابنَ ابنِ يوسُفٍ
- بشَهْوَتِنا والحاسِدُو لكَ بالرّغْمِ
- وَثِقْنا بأنْ تُعْطي فَلَوْ لم تَجُدْ لَنا
- لخلناكَ قد أعطَيتَ من قوّةِ الوَهْمِ
- دُعيتُ بتَقْرِيظيكَ في كلّ مَجلِسٍ
- فَظَنّ الذي يَدعو ثَنائي عليكَ اسمي
- وأطْمَعْتَني في نَيْلِ ما لا أنالُهُ
- بما نِلْتُ حتى صِرْتُ أطمَعُ في النجمِ
- إذا ما ضَرَبْتَ القِرْنَ ثمّ أجَزْتَني
- فَكِلْ ذَهَباً لي مَرّةً منهُ بالكَلْمِ
- أبَتْ لكَ ذَمّي نَخْوَةٌ يَمَنِيّةٌ
- ونَفسٌ بها في مأزِقٍ أبَداً تَرْمي
- فكَمْ قائِلٍ لو كانَ ذا الشخصُ نفسه
- لكانَ قَراهُ مكمَنَ العسكرِ الدَّهْمِ
- وقائِلَةٍ والأرْضَ أعْني تَعَجّباً
- عليّ امرُؤ يمشي بوَقري من الحلْمِ
- عَظُمْتَ فَلَمّا لم تُكَلَّمْ مَهابَةً
- تواضَعتَ وهوَ العُظمُ عُظماً من العُظمِ
المزيد...
العصور الأدبيه