الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> قد علم البين منا البين أجفانا >>
قصائدالمتنبي
قد علم البين منا البين أجفانا
المتنبي
- قَدْ عَلّمَ البَينُ مِنّا البَينَ أجْفانَا
- تَدْمَى وألّفَ في ذا القَلبِ أحزانَا
- أمّلْتُ ساعةَ ساروا كَشفَ مِعصَمِها
- ليَلْبَثَ الحَيُّ دونَ السّيرِ حَيرانَا
- ولوْ بَدَتْ لأتاهَتْهُمْ فَحَجّبَهَا
- صَوْنٌ عُقُولَهُمُ من لحظِها صانَا
- بالواخِداتِ وحاديها وبي قَمَرٌ
- يَظَلُّ من وَخْدِها في الخِدرِ خَشيانَا
- أمّا الثّيابُ فَتَعْرَى مِنْ مَحاسِنِهِ
- إذا نَضاها ويَكسَى الحُسنَ عُرْيانَا
- يَضُمّهُ المِسكُ ضَمَّ المُسْتَهامِ بهِ
- حتى يَصيرَ على الأعكانِ أعكانَا
- قد كنتُ أُشفِقُ من دَمعي على بصري
- فاليَوْمَ كلُّ عزيزٍ بَعدَكمْ هَانَا
- تُهدي البَوارِقُ أخلافَ المِياهِ لكُمْ
- وللمُحِبّ مِنَ التّذكارِ نِيرانَا
- إذا قَدِمْتُ على الأهوالِ شَيّعَني
- قَلْبٌ إذا شِئْتُ أنْ أسلاكمُ خانَا
- أبدو فيَسجُدُ مَنْ بالسّوءِ يذكُرُني
- فَلا أُعاتِبُهُ صَفْحاً وإهْوَانَا
- وهكَذا كُنتُ في أهْلي وفي وَطَني
- إنّ النّفِيسَ غَريبٌ حَيثُمَا كَانَا
- مُحَسَّدُ الفَضْلِ مكذوبٌ على أثَري
- ألقَى الكَميَّ ويَلقاني إذا حَانَا
- لا أشرَئِبّ إلى ما لم يَفُتْ طَمَعاً
- ولا أبيتُ على ما فاتَ حَسرَانَا
- ولا أُسَرّ بمَا غَيري الحَميدُ بهِ
- ولَوْ حَمَلْتَ إليّ الدّهْرَ مَلآنَا
- لا يَجْذِبَنّ رِكَابي نَحْوَهُ أحَدٌ
- ما دُمتُ حَيّاً وما قَلقَلنَ كِيرانَا
- لوِ استَطَعْتُ رَكبتُ النّاسَ كلّهمُ
- إلى سَعيدِ بنِ عَبْدِالله بُعْرَانَا
- فالعِيسُ أعْقَلُ مِنْ قَوْمٍ رَأيْتُهُمُ
- عَمّا يَراهُ منَ الإحسانِ عُمْيانَا
- ذاكَ الجَوادُ وإنْ قَلّ الجَوادُ لَهُ
- ذاكَ الشّجاعُ وإنْ لم يرْضَ أقرانَا
- ذاكَ المُعِدّ الذي تَقْنُو يَداهُ لَنَا
- فَلَوْ أُصِيبَ بشيءٍ منهُ عَزّانَا
- خَفّ الزّمانُ على أطْرافِ أُنْمُلِهِ
- حتى تُوُهِّمنَ للأزْمانِ أزْمانَا
- يَلْقَى الوَغَى والقَنَا والنّازِلاتِ بهِ
- والسّيفَ والضّيفَ رَحبَ البال جذلانَا
- تَخالُهُ من ذكاءِ القَلْبِ مُحْتَمِياً
- ومن تَكَرّمِهِ والبِشْرِ نَشْوانَا
- وتَسْحَبُ الحِبَرَ القَيْناتُ رافِلَةً
- من جُودِهِ وتَجُرّ الخَيلُ أرْسَانَا
- يُعْطي المُبَشِّرَ بالقُصّادِ قَبْلَهُمُ
- كَمَنْ يُبَشّرُهُ بالمَاءِ عَطْشانَا
- جَزَتْ بني الحَسَنِ الحُسنى فإنّهُمُ
- في قَوْمِهِمْ مثلُهُمْ في الغُرّ عَدْنانَا
- ما شَيّدَ الله مِنْ مَجْدٍ لسالِفِهِمْ
- إلاّ ونَحْنُ نَراهُ فيهِمِ الآنَا
- إنْ كوتبوا أوْ لُقوا أو حورِبوا وُجدوا
- في الخَطّ واللّفظِ والهَيجاءِ فُرْسانَا
- كأنّ ألسُنَهُمْ في النّطقِ قد جُعلَتْ
- على رِماحِهِمِ في الطّعنِ خِرْصانَا
- كأنّهُمْ يَرِدونَ المَوْتَ مِنْ ظَمَإٍ
- أو يَنْشَقُونَ منَ الخطّيّ رَيحَانَا
- الكائِنِينَ لِمَنْ أبْغي عَداوَتَهُ
- أعدَى العِدى ولمن آخيتُ إخوانَا
- خَلائِقٌ لوْ حَواها الزِّنْجُ لانْقَلَبوا
- ظُمْيَ الشّفاهِ جِعادَ الشَّعرِ غُرّانَا
- وأنْفُسٌ يَلْمَعِيّاتٌ تُحِبّهُمُ
- لها اضطِراراً ولَوْ أقْصَوْكَ شَنآنَا
- ألواضِحينَ أُبُوّاتٍ وأجْبِنَةً
- ووالداتٍ وألْباباً وأذْهانَا
- يا صائِدَ الجَحْفَلِ المَرْهوبِ جانِبُهُ
- إنّ اللّيوثَ تَصيدُ النّاسَ أُحْدانَا
- وواهِباً، كلُّ وَقْتٍ وقْتُ نَائِلِهِ
- وإنّما يَهَبُ الوُهّابُ أحْيَانَا
- أنتَ الذي سَبَكَ الأموالَ مَكْرُمَةً
- ثمّ اتّخَذْتَ لها السُّؤَّالَ خُزّانَا
- عَلَيْكَ منكَ إذا أُخليتَ مُرْتَقِبٌ
- لم تأتِ في السّرّ ما لم تأتِ إعْلانَا
- لا أسْتَزيدُكَ فيما فيكَ من كَرَمٍ
- أنا الذي نامَ إنْ نَبّهْتُ يَقْظَانَا
- فإنّ مِثْلَكَ باهَيْتُ الكِرامَ بِهِ
- ورَدّ سُخْطاً على الأيّامِ رِضْوانَا
- وأنْتَ أبعَدُهُمْ ذِكراً وأكْبَرُهُمْ
- قَدْراً وأرْفَعُهُمْ في المَجدِ بُنْيَانَا
- قد شَرّفَ الله أرْضاً أنْتَ ساكِنُها
- وشَرّفَ النّاسَ إذْ سَوّاكَ إنْسانَا
المزيد...
العصور الأدبيه