الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> عواذل ذات الخال في حواسد >>
قصائدالمتنبي
عواذل ذات الخال في حواسد
المتنبي
- عَوَاذِلُ ذاتِ الخَالِ فيّ حَوَاسِدُ
- وَإنّ ضَجيعَ الخَوْدِ منّي لمَاجِدُ
- يَرُدّ يَداً عَنْ ثَوْبِهَا وَهْوَ قَادِرٌ
- وَيَعصي الهَوَى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ
- متى يَشتفي من لاعجِ الشّوْقِ في الحشا
- مُحِبٌّ لها في قُرْبِه مُتَبَاعِدُ
- إذا كنتَ تخشَى العارَ في كلّ خَلْوَةٍ
- فَلِمْ تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ
- ألَحّ عَليّ السّقْمُ حتى ألِفْتُهُ
- وَمَلّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ
- مَرَرْتُ على دارِ الحَبيبِ فحَمْحمتْ
- جَوادي وهل تُشجي الجيادَ المعاهدُ
- وما تُنكِرُ الدّهْمَاءُ مِن رَسْمِ منزِلٍ
- سَقَتها ضَريبَ الشَّوْلِ فيهِ الوَلائِدُ
- أهُمّ بشَيْءٍ واللّيَالي كأنّهَا
- تُطارِدُني عَنْ كَوْنِهِ وَأُطارِدُ
- وَحيدٌ مِنَ الخُلاّنِ في كلّ بَلْدَةٍ
- إذا عَظُمَ المَطلُوبُ قَلّ المُساعِدُ
- وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ
- سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ
- تَثَنّى عَلى قَدْرِ الطّعانِ كَأنّمَا
- مَفَاصِلُهَا تَحْتَ الرّماحِ مَرَاوِدُ
- وَأُورِدُ نَفْسِي والمُهَنّدُ في يَدي
- مَوَارِدَ لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجالِدُ
- وَلَكِنْ إذا لمْ يَحْمِلِ القَلْبُ كفَّهُ
- على حَالَةٍ لم يَحْمِلِ الكَفَّ ساعِدُ
- خَليلَيّ إنّي لا أرَى غيرَ شاعِرٍ
- فَلِمْ منهُمُ الدّعوَى ومني القَصائِدُ
- فَلا تَعْجَبَا إنّ السّيُوفَ كَثيرَةٌ
- وَلكِنّ سَيفَ الدّوْلَةِ اليَوْمَ واحِدُ
- لهُ من كَريمِ الطبعِ في الحرْبِ مُنتضٍ
- وَمن عادةِ الإحسانِ والصّفحِ غامِدُ
- وَلمّا رَأيتُ النّاسَ دونَ مَحَلِّهِ
- تَيَقّنْتُ أنّ الدّهْرَ للنّاسِ نَاقِدُ
- أحَقُّهُمُ بالسّيْفِ مَن ضَرَبَ الطُّلى
- وَبالأمْنِ مَن هانَتْ عليهِ الشّدائدُ
- وَأشقَى بلادِ الله ما الرّومُ أهلُها
- بهذا وما فيها لمَجدِكَ جَاحِدُ
- شَنَنْتَ بها الغاراتِ حتى تَرَكْتَها
- وَجَفنُ الذي خَلفَ الفَرنْجةِ ساهِدُ
- مُخَضَّبَةٌ وَالقَوْمُ صَرْعَى كأنّهَا
- وَإنْ لم يكونوا ساجِدينَ مَساجِدُ
- تُنَكّسُهُمْ والسّابِقاتُ جِبالُهُمْ
- وَتَطْعَنُ فيهِمْ وَالرّماحُ المَكايدُ
- وتَضربهم هبراً وَقد سكنوا الكُدَى
- كما سكَنَتْ بطنَ الترابِ الأساوِدُ
- وتُضحي الحصون المشمخرّاتُ في الذرَى
- وَخَيْلُكَ في أعْنَاقِهِنَّ قَلائِدُ
- عَصَفْنَ بهمْ يَوْمَ اللُّقَانِ وَسُقنَهم
- بهِنريطَ حتى ابيَضّ بالسبيِ آمِدُ
- وَألحَقنَ بالصّفصَافِ سابورَ فانهَوَى
- وَذاقَ الرّدَى أهلاهُما وَالجَلامِدُ
- وَغَلّسَ في الوَادي بهِنّ مُشَيَّعٌ
- مُبارَكُ ما تحتَ اللّثَامَينِ عابِدُ
- فَتًى يَشْتَهي طُولَ البلادِ وَوَقْتُهُ
- تَضِيقُ بِهِ أوْقاتُهُ وَالمَقَاصِدُ
- أخُو غَزَواتٍ مَا تُغِبُّ سُيُوفُهُ
- رِقابَهُمُ إلاّ وَسَيْحانُ جَامِدُ
- فلَم يَبقَ إلاّ مَنْ حَمَاهَا من الظُّبى
- لمَى شَفَتَيْها وَالثُّدِيُّ النّوَاهِدُ
- تُبَكّي علَيهِنّ البَطاريقُ في الدّجَى
- وَهُنّ لَدَينا مُلقَياتٌ كَوَاسِدُ
- بذا قضَتِ الأيّامُ ما بَينَ أهْلِهَا،
- مَصائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوَائِدُ
- وَمن شرَفِ الإقدامِ أنّكَ فيهِمِ
- على القَتلِ مَوْمُوقٌ كأنّكَ شَاكِدُ
- وَأنّ دَماً أجرَيْتَهُ بكَ فَاخِرٌ
- وَأنّ فُؤاداً رُعْتَهُ لكَ حَامِدُ
- وَكلٌّ يَرَى طُرْقَ الشّجاعَةِ والنّدى
- وَلكِنّ طَبْعَ النّفْسِ للنّفسِ قائِدُ
- نَهَبْتَ منَ الأعمارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ
- لَهُنّئَتِ الدّنْيَا بأنّكَ خَالِدُ
- فأنْتَ حُسامُ المُلْكِ وَالله ضَارِبٌ
- وَأنْتَ لِواءُ الدّينِ وَالله عَاقِدُ
- وَأنتَ أبو الهَيْجا بنُ حَمدانَ يا ابنهُ
- تَشَابَهَ مَوْلُودٌ كَرِيمٌ وَوَالِدُ
- وحَمدانُ حمدونٌ وَحمدونُ حارثٌ
- وَحارِثُ لُقْمانٌ وَلُقْمَانٌ رَاشِدُ
- أُولَئِكَ أنْيابُ الخِلافَةِ كُلُّهَا
- وَسَائِرُ أمْلاكِ البِلادِ الزّوائِدُ
- أُحِبّكَ يا شَمسَ الزّمانِ وبَدْرَهُ
- وَإنْ لامَني فيكَ السُّهَى والفَراقِدُ
- وَذاكَ لأنّ الفَضْلَ عندَكَ بَاهِرٌ
- وَلَيسَ لأنّ العَيشَ عندَكَ بارِدُ
- فإنّ قَليلَ الحُبّ بالعَقْلِ صالِحٌ
- وَإنّ كَثيرَ الحُبّ بالجَهْلِ فاسِدُ
المزيد...
العصور الأدبيه