الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> سرب محاسنه حرمت ذواتها >>
قصائدالمتنبي
سرب محاسنه حرمت ذواتها
المتنبي
- سِرْبٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَوَاتِها
- داني الصّفاتِ بَعيدُ مَوْصوفاتِهَا
- أوْفَى فكُنْتُ إذا رَمَيْتُ بمُقلَتي
- بَشَراً رأيتُ أرَقَّ مِن عَبَراتِهَا
- يَسْتَاقُ عيسَهُمُ أنيني خَلفَها
- تَتَوَهّمُ الزّفَراتِ زَجرَ حُداتِهَا
- وكأنّها شَجَرٌ بَدَتْ لَكِنّهَا
- شَجَرٌ جَنَيتُ الموْتَ من ثمَراتِهَا
- لا سِرْتِ مِن إبلٍ لوَانّي فَوْقَها
- لمَحَتْ حرارَةُ مَدمَعيّ سِماتِهَا
- وحمَلتُ ما حُمّلتِ من هذي المَها
- وحَملتِ ما حُمّلتُ من حسراتِها
- إنّي على شَغَفي بِما في خُمْرِها
- لأعِفُّ عَمّا في سَرابِيلاتِهَا
- وتَرَى المُرُوّةَ والفُتُوّةَ والأبُوّ
- ةَ فيّ كُلُّ مَليحَةٍ ضَرّاتِهَا
- هُنّ الثّلاثُ المانِعاتي لَذّتي
- في خَلْوَتي لا الخَوْفُ من تَبِعاتِهَا
- ومَطالِبٍ فيها الهَلاكُ أتَيْتُها
- ثَبْتَ الجَنانِ كأنّني لم آتِهَا
- ومَقانِبٍ بمَقانِبٍ غادَرْتُهَا
- أقْوَاتَ وَحْشٍ كُنّ من أقواتِهَا
- أقْبَلْتُها غُرَرَ الجِيادِ كأنّما
- أيْدي بَني عِمرانَ في جَبَهاتِهَا
- ألثّابِتينَ فُرُوسَةً كَجُلُودِها
- في ظَهْرِها والطّعنُ في لَبّاتِهَا
- ألعارِفِينَ بها كَما عَرَفَتْهُمُ
- والرّاكِبِينَ جُدودُهُمْ أُمّاتِهَا
- فكأنّما نُتِجَتْ قِياماً تَحْتَهُمُ
- وكأنّهُمْ وُلِدوا على صَهَواتِهَا
- إنّ الكِرامَ بِلا كِرامٍ مِنْهُمُ
- مِثْلُ القُلوبِ بلا سُوَيداواتِهَا
- تِلْكَ النّفُوسُ الغالِباتُ على العُلى
- والمَجْدُ يَغْلِبُها على شَهَواتِهَا
- سُقِيتْ مَنابتُها التي سقَتِ الوَرَى
- بنَدَى أبي أيّوبَ خيرِ نَبَاتِهَا
- لَيسَ التّعَجّبُ من مَواهِبِ مالِه
- بَلْ مِنْ سَلامَتِها إلى أوْقاتِهَا
- عَجَباً لهُ حَفِظَ العِنانَ بأُنْمُلٍ
- ما حِفْظُها الأشياءَ مِنْ عاداتِهَا
- لوْ مرّ يَرْكضُ في سُطورِ كتابَةٍ
- أحْصَى بحافِرِ مُهْرِهِ مِيماتِهَا
- يَضَعُ السّنانَ بحيثُ شاءَ مُجاوِلاً
- حتى مِنَ الآذانِ في أخْراتِهَا
- تَكْبو وراءَكَ يابنَ أحمدَ قُرَّحٌ
- لَيْسَتْ قَوائِمُهُنّ مِنْ آلاتِهَا
- رِعَدُ الفَوارِسِ مِنكَ في أبْدانِها
- أجرَى من العَسَلانِ في قَنَواتِهَا
- لا خَلْقَ أسمَحُ منكَ إلاّ عارِفٌ
- بك راءَ نَفسَكَ لم يقلْ لك هاتِهَا
- غَلِتَ الذي حَسَبَ العُشورَ بآيَةٍ
- تَرْتيلُكَ السُّوراتِ مِنْ آياتِهَا
- كَرَمٌ تَبَيّنَ في كَلامِكَ مَاثِلاً
- ويَبِينُ عِتْقُ الخَيلِ في أصواتِهَا
- أعْيَا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلْتَهُ
- لا تَخْرُجُ الأقمارُ عن هالاتِهَا
- لا نَعذُلُ المرَضَ الذي بك شائِقٌ
- أنتَ الرّجالَ وشائِقٌ عِلاّتِهَا
- فإذا نَوَتْ سَفَراً إلَيْكَ سَبَقْنَها
- فأضَفْتَ قَبلَ مُضافِهَا حالاتِهَا
- ومَنازِلُ الحُمّى الجُسومُ فقُلْ لنا
- ما عُذرُها في تَرْكِها خَيراتِهَا
- أعْجَبْتَها شَرَفاً فَطالَ وُقُوفُها
- لِتأمُّلِ الأعضاءِ لا لأذاتِهَا
- وبَذَلْتَ ما عَشِقَتْهُ نَفسُك كلّه
- حتى بذَلْتَ لهَذِهِ صِحّاتِهَا
- حقُّ الكواكبِ أن تعودَكَ من عَلٍ
- وتَعُودَكَ الآسادُ مِنْ غاباتِهَا
- والجِنُّ من سُتَراتِها والوَحشُ من
- فَلَواتِها والطّيرُ منْ وُكَناتِهَا
- ذُكرَ الأنامُ لَنا فكانَ قَصيدَةً
- كُنتَ البَديعَ الفَرْدَ مِنْ أبياتِهَا
- في النّاسِ أمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها
- كَمماتِها ومَماتُها كَحَياتِهَا
- فاليَوْمَ صِرْتُ إلى الذي لوْ أنّهُ
- مَلَكَ البَرِيّةَ لاستَقَلّ هِباتِهَا
- مُستَرْخَصٌ نَظَرٌ إلَيهِ بما بهِ
- نَظَرَتْ وعَثْرَةُ رِجْلِهِ بدِياتِهَا
المزيد...
العصور الأدبيه