الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> الحب ما منع الكلام الألسنا >>
قصائدالمتنبي
الحب ما منع الكلام الألسنا
المتنبي
- الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا
- وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا
- ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَى
- من غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى
- بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَا
- ألْوانُنَا ممّا اسْتُفِعْنَ تَلَوُّنَا
- وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْ
- أشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا
- أفْدي المُوَدِّعَةَ التي أتْبَعْتُهَا
- نَظَراً فُرادَى بَينَ زَفْراتٍ ثُنَا
- أنْكَرْتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرّةً
- ثُمّ اعْتَرَفتُ بها فصارَتْ دَيْدَنَا
- وقَطَعْتُ في الدّنْيا الفَلا ورَكائِبي
- فيها وَوَقْتيّ الضّحَى والمَوْهِنَا
- فوَقَفْتُ منها حيثُ أوْقَفَني النّدَى
- وبَلَغْتُ من بَدْرِ بنِ عَمّارَ المُنى
- لأبي الحُسَينِ جَداً يَضيقُ وِعاؤهُ
- عَنْهُ ولَوْ كانَ الوِعاءُ الأزْمُنَا
- وشَجاعَةٌ أغْناهُ عَنْها ذِكْرُها
- ونَهَى الجَبَانَ حَديثُها أن يجُبنَا
- نِيطَتْ حَمائِلُهُ بعاتِقِ مِحْرَبٍ
- ما كَرّ قَطُّ وهَلْ يكُرُّ وما کنْثَنَى
- فكأنّهُ والطّعْنُ منْ قُدّامِهِ
- مُتَخَوِّفٌ مِنْ خَلفِهِ أنْ يُطْعَنَا
- نَفَتِ التّوَهُّمَ عَنْهُ حِدّةُ ذِهْنِهِ
- فقَضَى على غَيبِ الأمورِ تَيَقُّنَا
- يَتَفَزّعُ الجَبّارُ مِنْ بَغَتاتِهِ
- فَيَظَلّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنَا
- أمْضَى إرادَتَهُ فَسَوْفَ لَهُ قَدٌ
- واستَقرَبَ الأقصَى فَثَمّ لهُ هُنَا
- يَجِدُ الحَديدَ على بَضاضةِ جِلْدِهِ
- ثَوْباً أخَفَّ مِنَ الحَريرِ وألْيَنا
- وأمَرُّ مِنْ فَقْدِ الأحِبّةِ عِندَهُ
- فَقْدُ السّيُوفِ الفاقِداتِ الأجْفُنَا
- لا يَستَكِنّ الرّعبُ بَينَ ضُلُوعِهِ
- يَوْماً ولا الإحسانُ أنْ لا يُحْسِنَا
- مُسْتَنْبِطٌ من عِلْمِهِ ما في غَدٍ
- فكأنّ ما سيَكونُ فيهِ دُوِّنَا
- تَتَقاصَرُ الأفهامُ عَنْ إدْراكِهِ
- مِثْلَ الذي الأفْلاكُ فيهِ والدُّنَى
- مَنْ لَيسَ مِنْ قَتْلاهُ من طُلَقائِهِ
- مَنْ لَيسَ ممّنْ دانَ ممّنْ حُيِّنَا
- لمّا قَفَلْتَ مِنَ السّواحِلِ نَحْوَنَا
- قَفَلَتْ إلَيْها وَحْشَةٌ من عِندِنا
- أرِجَ الطّريقُ فَما مَرَرْتَ بمَوْضِعٍ
- إلاّ أقامَ بهِ الشّذا مُسْتَوْطِنَا
- لَوْ تَعْقِلُ الشّجَرُ التي قابَلْتَها
- مَدّتْ مُحَيّيَةً إلَيكَ الأغْصُنَا
- سَلَكَتْ تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ من
- شَوْقٍ بها فأدَرْنَ فيكَ الأعْيُنَا
- طَرِبَتْ مَراكِبُنَا فَخِلْنا أنّها
- لَوْلا حَيَاءٌ عاقَها رَقَصَتْ بنا
- أقْبَلْتَ تَبْسِمُ والجِيادُ عَوَابِسٌ
- يَخْبُبْنَ بالحَلَقِ المُضاعَفِ والقَنَا
- عَقَدَتْ سَنابِكُها عَلَيْها عِثْيَراً
- لوْ تَبتَغي عَنَقاً عَلَيْهِ لأمْكَنَا
- والأمْرُ أمرُكَ والقُلُوبُ خوافِقٌ
- في مَوْقِفٍ بَينَ المَنيّةِ والمُنى
- فعَجِبْتُ حتى ما عَجبتُ من الظُّبَى
- ورأيْتُ حتى ما رأيْتُ منَ السّنى
- إنّي أراكَ منَ المَكارِمِ عَسكَراً
- في عَسكَرٍ ومنَ المَعالي مَعْدِنَا
- فَطَنَ الفُؤادُ لِما أتَيْتُ على النّوَى
- ولِمَا تَرَكْتُ مَخافَةً أنْ تَفْطُنَا
- أضحَى فِراقُكَ لي عَلَيْهِ عُقُوبَةً
- لَيسَ الذي قاسَيْتُ منْهُ هَيّنَا
- فاغْفِرْ فِدًى لكَ واحبُني مِنْ بعدها
- لِتَخُصّني بِعَطِيّةٍ مِنْها أنَا
- وَانْهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيّ بِضِلّةٍ
- فالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأوْلادِ الزّنَى
- وإذا الفتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً
- في مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى
- ومَكايِدُ السّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ
- وعَداوَةُ الشّعَراءِ بِئْسَ المُقْتَنى
- لُعِنَتْ مُقارَنَةُ اللّئيمِ فإنّهَا
- ضَيْفٌ يَجرُّ منَ النّدامةِ ضَيْفَنَا
- غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً
- رُزْءٌ أخَفُّ عليّ مِنْ أنْ يُوزَنَا
- أمسَى الذي أمْسَى برَبّكَ كافِراً
- مِنْ غَيرِنا مَعَنا بفَضْلِكَ مُؤمِنَا
- خَلَتِ البِلادُ منَ الغَزالَةِ لَيْلَها
- فأعاضَهاكَ الله كَيْ لا تَحْزَنَا
المزيد...
العصور الأدبيه