الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> المتنبي >> إذا كان مدح فالنسيب المقدم >>
قصائدالمتنبي
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
المتنبي
- إذا كانَ مَدحٌ فالنّسيبُ المُقَدَّمُ
- أكُلُّ فَصِيحٍ قالَ شِعراً مُتَيَّمُ
- لَحُبّ ابنِ عَبدِالله أولى فإنّهُ
- بهِ يُبدَأُ الذّكرُ الجَميلُ وَيُختَمُ
- أطَعْتُ الغَواني قَبلَ مَطمَحِ ناظري
- إلى مَنظَرٍ يَصغُرنَ عَنهُ وَيَعْظُمُ
- تَعَرّضَ سَيْفُ الدّولَةِ الدّهرَ كلّهُ
- يُطَبِّقُ في أوصالِهِ وَيُصَمِّمُ
- فَجازَ لَهُ حتى على الشّمسِ حكمُهُ
- وَبَانَ لَهُ حتى على البَدرِ مِيسَمُ
- كأنّ العِدَى في أرضِهِم خُلَفاؤهُ
- فإن شاءَ حازُوها وإن شاءَ سلّمُوا
- وَلا كُتْبَ إلاّ المَشرَفيّةُ عِنْدَهُ
- وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ
- فَلَم يَخْلُ من نصرٍ لَهُ مَن لهُ يَدٌ
- وَلم يَخْلُ مِن شكرٍ لَهُ من له فَمُ
- ولم يَخْلُ من أسمائِهِ عُودُ مِنْبَرٍ
- وَلم يَخْلُ دينارٌ وَلم يَخلُ دِرهَمُ
- ضَرُوبٌ وَما بَينَ الحُسامَينِ ضَيّقٌ
- بَصِيرٌ وَما بَينَ الشّجاعَينِ مُظلِمُ
- تُباري نُجُومَ القَذفِ في كلّ لَيلَةٍ
- نُجُومٌ لَهُ مِنْهُنّ وَردٌ وَأدْهَمُ
- يَطَأنَ مِنَ الأبْطالِ مَن لا حَملنَهُ
- وَمِن قِصَدِ المُرّانِ مَا لا يُقَوَّمُ
- فَهُنّ مَعَ السِّيدانِ في البَرّ عُسَّلٌ
- وَهُنّ مَعَ النّينَانِ في المَاءِ عُوَّمُ
- وَهُنّ مَعَ الغِزلانِ في الوَادِ كُمَّنٌ
- وَهُنّ مَعَ العِقبانِ في النِّيقِ حُوَّمُ
- إذا جَلَبَ النّاسُ الوَشيجَ فإنّهُ
- بِهِنّ وَفي لَبّاتِهِنّ يُحَطَّمُ
- بغُرّتِهِ في الحَربِ والسّلْمِ والحِجَى
- وَبَذلِ اللُّهَى وَالحمدِ وَالمجدِ مُعلِمُ
- يُقِرُّ لَهُ بالفَضلِ مَن لا يَوَدُّهُ
- وَيَقضِي لَهُ بالسّعدِ مَن لا يُنَجِّمُ
- أجَارَ على الأيّامِ حتى ظَنَنْتُهُ
- يُطالِبُهُ بالرّدّ عَادٌ وَجُرهُمُ
- ضَلالاً لهذِي الرّيحِ ماذا تُرِيدُهُ
- وَهَدياً لهذا السّيلِ ماذا يُؤمِّمُ
- ألم يَسألِ الوَبْلُ الذي رامَ ثَنْيَنَا
- فَيُخبرَهُ عَنْكَ الحَديدُ المُثَلَّمُ
- وَلمّا تَلَقّاكَ السّحابُ بصَوبِهِ
- تَلَقَّاهُ أعلى منهُ كَعْباً وَأكْرَمُ
- فَبَاشَرَ وَجْهاً طالَمَا بَاشَرَ القَنَا
- وَبَلّ ثِياباً طالَمَا بَلّهَا الدّمُ
- تَلاكَ وَبَعضُ الغَيثِ يَتبَعُ بَعضَهُ
- مِنَ الشّأمِ يَتْلُو الحاذِقَ المُتَعَلِّمُ
- فزارَ التي زارَت بكَ الخَيلُ قَبرَها
- وَجَشّمَهُ الشّوقُ الذي تَتَجَشّمُ
- وَلمّا عَرَضتَ الجَيشَ كانَ بَهَاؤهُ
- على الفَارِسِ المُرخى الذؤابةِ منهُمُ
- حَوَالَيْهِ بَحْرٌ للتّجافيفِ مَائِجٌ
- يَسيرُ بهِ طَودٌ مِنَ الخَيلِ أيْهَمُ
- تَسَاوَت بهِ الأقْطارُ حتى كأنّهُ
- يُجَمِّعُ أشْتاتَ الجِبالِ ويَنْظِمُ
- وكُلُّ فَتًى للحَربِ فَوقَ جَبينِهِ
- منَ الضّربِ سَطْرٌ بالأسنّةِ مُعجَمُ
- يَمُدُّ يَدَيْهِ في المُفاضَةِ ضَيْغَمٌ
- وَعَيْنَيْهِ من تَحتِ التّريكةِ أرقَمُ
- كَأجْنَاسِهَا راياتُهَا وَشِعارُهَا
- وَمَا لَبِسَتْهُ وَالسّلاحُ المُسَمَّمُ
- وَأدّبَهَا طُولُ القِتالِ فَطَرفُهُ
- يُشيرُ إلَيْهَا مِن بَعيدٍ فَتَفْهَمُ
- تُجاوِبُهُ فِعْلاً وَما تَسْمَعُ الوَحَى
- وَيُسْمِعُها لَحْظاً وما يَتَكَلّمُ
- تَجانَفُ عَن ذاتِ اليَمينِ كأنّهَا
- تَرِقّ لِمَيّافَارَقينَ وَتَرحَمُ
- وَلَو زَحَمَتْهَا بالمَناكِبِ زَحْمَةً
- دَرَت أيُّ سورَيها الضّعيفُ المُهَدَّمُ
- على كُلّ طاوٍ تَحْتَ طاوٍ كَأنّهُ
- من الدّمِ يُسقى أو من اللّحم يُطعَمُ
- لها في الوَغَى زِيّ الفَوارِسِ فَوقَهَا
- فكُلّ حِصانٍ دارِعٌ مُتَلَثّمُ
- وما ذاكَ بُخْلاً بالنّفُوسِ على القَنَا
- وَلَكِنّ صَدْمَ الشّرّ بالشّرّ أحزَمُ
- أتَحْسَبُ بِيضُ الهِندِ أصلَكَ أصلَها
- وَأنّكَ منها؟ سَاءَ ما تَتَوَهّمُ
- إذا نَحْنُ سَمّيْناكَ خِلْنَا سُيُوفَنَا
- منَ التّيهِ في أغْمادِها تَتَبَسّمُ
- وَلم نَرَ مَلْكاً قَطّ يُدْعَى بدُونِهِ
- فيَرضَى وَلكِنْ يَجْهَلُونَ وتَحلُمُ
- أخَذْتَ على الأرواحِ كُلّ ثَنِيّةٍ
- من العيشِ تُعطي مَن تَشاءُ وَتحرِمُ
- فَلا مَوتَ إلاّ مِن سِنانِكَ يُتّقَى
- وَلا رِزقَ إلاّ مِن يَمينِكَ يُقْسَمُ
المزيد...
العصور الأدبيه