الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> عذيري من واش بها لم أواله >>
قصائدالبحتري
عذيري من واش بها لم أواله
البحتري
- عَذِيريَ منْ وَاشٍ بهَا لَمْ أُوَالهِ
- عَلَيها، وَلَمْ أُخْطِرْ قِلاَها ببَالِهِ
- وَمنْ كَمَدٍ أسْرَرْتُهُ، فأذاعَهُ
- تَرَادُفُ دَمْعٍ مُسْهِبٍ في انْهمَالِهِ
- جَوًى مُستَطِيرٌ في ضُلُوعٍ، إذا انحنتْ
- عَلَيْهِ، تَجَافَتْ عَنْ حَرِيقِ اشتعالهِ
- تَحَمّلَ أُلاّفُ الخَلِيطِ، وَأسرَعَتْ
- حَزَائقُهُمْ مِنْ عَالِجٍ وَرِمَالِهِ
- وَقد بانَ فيهمْ غُصْنُ بانٍ، إذا بَدَا
- ثَوَى مُخبرٌ عن شَكْْلِهِ، أوْ مثالهِ
- يَسُوءُكَ إلاّ عَطْْفَ عندَ انعطافِهِ،
- وَيُشجيكَ إلاّ عَدْلَ عندَ اعتدالهِ
- فَمَا حيلَةُ المُشتاقِ فيمَنْ يَشُوقُهُ،
- إذا حَالَ هذا الهَجرُ دونَ احتِيَالِهِ
- حَبيبٌ نَأى، إلا تَعَرُّضُ ذَكرَةٍ
- لَهُ، أو مُلمَّا طِائفاً من خَيَالِهِ
- أأُمْنَعُ في هِجْرَانِهِ منْ صَبَابَةٍ،
- وَقد كنتُ صَبّاً مُغرَماً في وِصَالِهِ
- وَيأمُرُني بالصّبْرِ مَنْ لَيْسَ وَجْدُهُ
- كَوَجْدي، وَلا إعلانُ حالي كحالهِ
- فإنْ أفْقُدِ العَيشَ الذي فَاتَ باللّوَى،
- فَقِدْماً فَقَدْتُ الظّلّ عندَ انتقالِهِ
- تَرَكْتُ مُلاَحَاةَ اللَّئِيمِ وإِنَّما
- نَصِيبي في جَاه ِالكَرِيمِ ومالِهِ
- وَلَمْ أرْضَ في رَنْقِ الصَّرَى ليَ مَوْرِداً،
- فَحاوَلْتُ وِرْدَ النِّيلِ عندَ احتفالهِ
- حَلَفْتُ بما يَتْلُو المُصَلّونَ في منَى،
- وَما اعتَقَدُوهُ للنّبيّ، وَآلهِ
- لَيَعْتَسِفَنّ العِيسَ، وَهْمٌ مُشَيَّعٌ،
- عَنُوفٌ بها في حَلّهِ، وَارتحالهِ
- إِلى ابْنِ نَهِيكٍ إِنَّهُ انْتَسَبَ النَّدَى
- إِلى عَمِّهِ،عَمَّ الكِرامِ ،وَخَالِهِ
- إلى فارِغٍ منْ كلّ شأْنٍ يَشينُهُ،
- وإنْ يَشتَغلْ فالمَجدُ عِظْمُ اشتغالهِ
- عَليُّ بنُ يحيَى، إنّهُ انتَسَبَ النّدَى
- إلى عَمّهِ، عَمِّ الكرَامِ، وَخالِهِ
- غَرِيبُ السّجايا ما تَزَالُ عُقُولُنَا
- مُدَلَّهةً في خَلةٍ منْ خِلالِه
- إذا مَعشَرٌ صَانُوا التِّلادَ تَعَسّفَتْ
- بهِ همّةٌ مَجْنُونَةٌ في ابتذالهِ
- أقَامَ بهِ، في مُنْتَهَى كلّ سُؤدَدٍ،
- فَعَالٌ، أقَامَ النّاسُ دونَ امتثالهِ
- فإنْ قَصَّرَتْ أكْفَاؤهُ عَنْ مَحَلّهِ،
- فإنّ يَمينَ المَرْءِ فَوْقَ شِمَالِهِ
- عَنَاهُ الحِجَى في عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ،
- فأقْبَلَ كَهْلاً قَبلَ حينِ اكْتهالِهِ
- كأنّ الجبَالَ الرّاسياتِ تَعَلّمَتْ
- رَواجِحُهَا منْ حلمِهِ وجَلاَلِهِ
- وَثقْتُ بنُعْمَاهُ، وَلمْ تَجتَمعْ بها
- يَدي، وَرأيتُ النُّجحَ قَبلَ سُؤالِهِ
- وَتَعْلَمُ أنّ السّيْفَ يَكفيكَ حَدَُّهُ
- مُكَاثَرَةَ الإقْرَانِ، قَبلَ استلالهِ
- أبَا حَسَنٍ أنْشأتَ في أُفُقِ النّدَى
- لَنَا كَرَماً، آمَالُنا في ظلالِهِ
- مَضَى منْكَ وَسْميٌّ، فجُدْ بوَليّهِ،
- وَعَوّدْتَ منْ نُعماكَ فَضْلاً فَوَالهِ
- وإنّ خَرَاجي للخَفيفُ، وَلَوْ غَدا
- ثَقيلاً لَما استَحسنتُ غيرَ احتمالهِ
المزيد...
العصور الأدبيه