الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أأخي نهنه دمعك المسفوكا >>
قصائدالبحتري
أأخي نهنه دمعك المسفوكا
البحتري
- أأُخَيّ! نَهْنِهْ دَمْعَكَ المَسْفُوكا،
- إنّ الحَوَادِثَ يَنْصَرِمْنَ وَشِيكا
- ما أذْكَرَتْكَ بمُترِحٍ صِرْفِ الجوَى،
- إلاّ ثَنَتْهُ بِمُفْرِحٍ يُنْسيكَا
- ألدّهرُ أنصَفُ منكَ في أحكامِهِ،
- إذْ كانَ يأخُذُ بَعضَ ما يُعطيكَا
- وَقلَيلُ هَذا السّعيِ يُكسِبُكَ الغِنى،
- إنْ كَانَ يُغْنيكَ الذي يَكْفيكَا
- نَلْقَى المَنُونَ حَقَائقاً، وَكَأنّنا
- مِنْ غِرّةٍ نَلْقَى بهِنّ شُكُوكا
- لا تَرْكَنَنّ إلى الخُطُوبِ، فإنّها
- لَمعٌ يَسُرُّكَ تَارَةً وَيَسُوكا
- هَذا سُلَيمانُ بنُ وَهْبٍ، بَعْدَمَا
- طَالَتْ مَسَاعيهِ النّجُومَ سُمُوكَا
- وَتَنَصّفَ الدّنْيا يُدَبّرُ أمْرَهَا،
- سَبْعِينَ حوْلاً قَدْ تَمَمْنَ دكيكَا
- أغْرَتْ بهِ الأقْدارُ بَغْتَ مُلِمّةٍ،
- ما كانَ رَسُّ حَديثِها مَأفُوكَا
- فكَأنّمَا خَضَدَ الحِمَامُ، بيَوْمِهِ،
- غُصْناً بمُنْخَرَقِ الرّيَاحِ نَهيكَا
- بَلّغْ عُبَيْدَ الله فَارِعَ مَذْحِجٍ
- شَرَفاً، وَمُعطَى فَضْلِها تَمليكَا
- مَا حَقُّ قَدْرِكَ أنْ أُحَمِّلَ مُرْسَلاً
- غَيرِي آلَيكَ، وَلَوْ بَعُدْتُ ألُوكَا
- كُلُّ المَصَائبِ، ما بَقيتَ، نَعُدُّهُ
- حَرضاً يزَِكُّ عنِ النّفوسِ رَكيكَا
- أنْتَ الذي لوْ قيلَ للجُودِ اتّخِذْ
- خِلاًّ، أشَارَ إلَيكَ، لا يَعدُوكَا
- وَكأنّمَا آلَيْتَ وَالمعْرُوفَ، لا
- تَألُوُهُ مُصْطَفياً، وَلا يَألُوكَا
- إنّ الرّزِيَّةَ في الفَقيدِ، فإنْ هَفَا
- جَزَعٌ بصَبرِكَ، فالرّزِيئَةُ فيكَا
- وَمَتى وَجَدْتَ النّاسَ، إلاّ تَارِكاً
- لحَميمِهِ في التُّرْبِ، أوْ مَترُوكَا
- بَلَغَ الإرَادَةَ إنْ فَداكَ بِنَفْسِهِ،
- وَوَدِدْتَ لَوْ تَفْديهِ لا يَفْديكَا
- لَوْ يَنْجَلي لكَ ذُخْرُها مِنْ نَكبَةٍ
- جَلَلٍ، لأضْحَكَكَ الذي يُبكيكا
- وَلحَالَ كُلُّ الحَوْلِ، من دونِ الذي
- قَد باتَ يُسخِطُكَ الذي يُرْضِيكا
- ما يَوْمُ أُمّكَ، وَهْوَ أرْوَعُ نَازِلٍ
- فَاجَاكَ، إلاّ دُونَ يَوْمِ أبيكا
- كَلْمٌ أُعِيدَ على حَشَاكَ، وَلَمْحَةٌ
- مِمّا عَهِدْتَ الحَادِثاتِ تُريكَا
- وَفَجيعَةُ الأيّامِ قِسْمٌ سُوّيَتْ
- فيهِ البرِيّةُ: سُوقَةٌ وَمُلُوكا
- عِبْْْْْءٌ تَوَزَّعَهُ الأَنامُ يُخِفُّهْ
- أَلاَّ تَزالَ تُصِيبُ فيه شَريكَا
المزيد...
العصور الأدبيه