الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ضلالا لها ماذا أرادت إلى الصد >>
قصائدالبحتري
ضلالا لها ماذا أرادت إلى الصد
البحتري
- ضَلالا لَهَا، ماذا أرادَتْ إلى الصّدِّ،
- وَنحنُ وُقُوفٌ من فرَاقٍ على حَدِّ
- مُزَاوِلَةٌ إنْ تَخْلِطِ الوُدّ بالقِلَى،
- وَمُزمعَةٌ إنْ تُلحِقِ القُرْبَ بالبُعْدِ
- رأتْ لِمّةً عَلَيّ بَيَاضاً سَوَادَها
- تَعَاقُبُ مُبْيَضٍّ عَلَيها، وَمُسْوَدّ
- فَلا تَسألا عَنْ هَجْرِها، إنّ هَجرَها
- جنى الصّبرِ يُسقَى مُرُّهُ من جنى الشّهدِ
- وَلا تَعجَبَا من بُخلِ دَعدٍ بنَيلها،
- وفي النّفَرِ الأعلَينَ أبخَلُ منْ دَعْدِ
- أضَنَّ أخلاّءٌ، وَضَنَّ أحبّةٌ،
- فَلا خِلّةٌ تُصْفي، ولا صِلّةٌ تُجدي
- أيَذْهَبُ هذا الدّهرُ لمْ يَرَ موْضِعِي،
- وَلمْ يَدْرِ ما مقدارُ حَلّي وَلا عَقْدِي
- وَيَكسَدُ مثلي، وَهوَ تاجرُ سُؤدَدٍ،
- يَبيعُ ثَمينَاتِ المَكَارِمِ، والحمدِ
- سَوَائِرُ شعْرٍ جامعٍ بُدَدَ العُلا،
- تَعَلّقنَ مَنْ قَبلي، وأتعَبنَ مَن بَعدِي
- يقدر فيها صانع متعمل
- لإحكامها تقدير داود في السرد
- خَليليّ، لوْ في المَرْخِ أقدَحُ إذْ أبَى
- رِجالٌ مُؤاتَاتي، إذا لكَبَا زَنْدِي
- وَمَا عَارَضَتْني كُدْيةٌ، دونَ مَدْحِهم،
- فكَيفَ أرَاني دونَ معرُوفهمْ أُكْدِي
- أأضرِبُ أكْبَادَ المَطَايَا إلَيْهِمِ،
- مُطَالَبَةً منّي، وَحَاجاتُهمْ عندِي
- أبَى ذاكَ أنّي زَاهدٌ في نَوَالِ مَنْ
- أرَاهُ لنَقصِ الرّأيِ يزْهدُ في حَمدِي
- لأفحش تقصير الغني عن العلا
- كما يفحش الإقطار بالحازم الجلد
- رَحيلَ اشْتِيَاقٍ مُبْرِحٍ وَصَبَابَةٍ،
- إلى قرْيَةِ النّعمانِ، والسّيّدِ الفَرْدِ
- إلى سابقٍ لا يَعلَقُ القَوْمُ شَأوَهُ
- بسَعْيٍ، وَلاَ يُهْدَونَ منهُ إلى قَصْدِ
- إلى أبيَضِ الأخلاقِ، ما مَرّ أبْيَضٌ
- منَ الدّهْرِ إلاّ عن جَدى منهُ أوْ رِفْدِ
- جَديرٌ، إذا ما زُرْتَهُ عَنْ جَنَابَةٍ،
- وإنْ طَالَ عَهدٌ أنْ يكونَ على العَهْدِ
- وَإنْ أنا أهدَيتُ القَرِيضَ مُجَازِياً،
- فلَنْ يوكَسَ المُهدى إلَيهِ ولا المُهدي
- مُزَايَدَةٌ منّي وَمنْهُ، وَكُلُّنَا
- إلى أمَدٍ وَافَى النّصِيبَ من البُعْدِ
- تَشَذّبَ مَنْ يُعْطي الرّغَائبَ دونَهُ،
- وَبَانَ بهِ مَا بَانَ بالكَوْكَبِ السّعْدِ
- فَمنْ أينَ جئنا جَمّةً من عَطائِهِ،
- وَرَدْنا وَسَيْرُ العِيسِ خِمس إلى الوِرْدِ
- يَغُضُّ عَنِ المَرْفُوعِ منْ دَرَجَاتِهِ،
- وإنْ زِيدَ في سُلطانِ ذي تُدْرَإ نَجْدِ
- وَيُخشَى شَذاهُ، وَهوَ غَيرُ مُسَلَّطٍ،
- وَقَد يُتَوَقّى السّيفُ والسّيفُ في الغِمدِ
- إذا قارَعُوهُ عَن عُلا الأمرِ قارَعُوا
- صَليبَ الصَّفَا من دونها خَشِنَ الحَدّ
- ثَوَابَةُ، أوْ مَهْرَانُ يَقْتَضِيَانهِ الـ
- ـسّمُوَّ اقتضَاءَ الوَعدِ من مُنجِزِ الوَعدِ
- وَلَلسّيفُ ذو الحَدّينِ أجنى على العِدى،
- وأبأَسُ في الجُلّي من السّيفِ ذي الحَدّ
- مُعَوَّلُ آمَالٍ، يَرُحْنَ نَسيئَةً،
- وَيُصْبحُ مُنْسَوْها مُلَيَّينَ بالنّقْدِ
- وَقَدْ دَفَعوا بُخلَ الزّمانِ بجُودِهِ،
- وَلاَ طبّ حتّى يُدفَعَ الضّدُّ بالضّدّ
- مُقيمينَ في نُعْمَاهُ لا يَبرَحُونَها،
- فَواقاً وَلَوْ بَاتَ المَطيُّ بهمْ يَخْدِي
- يَفُوتُ احتفَالَ القَوْمِ أوّلُ عَفوِهِ،
- وَقد بَلَغُوا، أوْ جَاوَزُوا آخرَ الجُهْدِ
- مُخَفَّضَةٌ أقدَارُهُمْ، دونَ قَدْرِهِ،
- كما انخَفَضَتْ سُفلى تِهَامَةَ عن نَجدِ
- فكَمْ سَبَطٍ منهُمْ، إذا اختَبَرَ امرُؤ
- عُلالَتَهُ، ألْفَاهُ ذا خُلُقٍ جَعْدِ
- وَوَاجِدِ ملك أعوَزَتْهُ سَجيّةٌ،
- تُسَلّطُهُ يَوْماً عَلى ذلكَ الوَجْدِ
- فعُسرُكَ لا مَيْسُورُ نُكدٍ أشَائمٍ،
- وَهُونُكَ لا مَرْفُوعُ أحمِرَةٍ قُفْدِ
- لقَدْ كنتُ أستَعدي إلى الدّهرِ مَرّةً،
- فجئتُكَ من عَتبٍ على الدّهرِ أستعدي
- وَما كنتُ إذْ أنْحَى عَليّ بلاجيءٍ
- إلى فئَةٍ منْهُ، سَوَاكَ، وَلاَ رَدّ
- تَمُرُّ بأعْلَى جَرْجَرَايَاءَ صُحبَتي
- وَقد عَلموا ما جَرْجَرَايَاءُ من عمدي
- وَلاَ قِصْرَ بي عن ضَامنٍ، مُتَكَفِّلٍ
- بَوَائقَ ما يَطوِي الزّمانُ، وما يُبدي
- فأشْهَدُ أنّي في اختِيَاركَ دونَهُمْ
- مُؤدًّى إلى حَظّي، وَمُتّبِعٌ رُشْدي
- وأعْلَمُ أنّ السُّبْلَ مَا فَجَأتْكُمُ،
- بزَوْرٍ منَ الأقْوَامِ، مثلي، وَلا وَفْدٍ
المزيد...
العصور الأدبيه