الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> سقى ربعها سح السحاب وهاطله >>
قصائدالبحتري
سقى ربعها سح السحاب وهاطله
البحتري
- سَقَى رَبْعَها سَحُّ السّحابِ وَهَاطِلُهْ،
- وإنْ لمْ يُخَبِّرْ آنِفاً مَنْ يُسَائِلُهْ
- وَلاَ زَالَ مَغْنَاهَا بمُنْعَرَجِ اللّوَى،
- مُرَوَّضَةً أجْزَاعُهُ، وجَراولُُهْ
- فَكَمْ عُنّيَ الوَاشي هُنَاكَ وَبُيّتَ الـ
- ـعَذُولُ بِلَيْلٍ، سَرْمَدٍ مُتَطَاوِلُهْ
- وَلَيْسَ المُحبُّ مَنْ تَنَاهَتْ وُشاتُهُ،
- وأقصَرَ لاحُوهُ، وَنَامَتْ عَوَاذِلُهْ
- أُرَجِّمُ في لَيْلَى الظّنُونَ، وإنّمَا
- أُخَاتِلُ في وَجْدي بهَا مَنْ أُخَاتِلُهْ
- وَقَدْ زَعَمَتْ أنّي تَعَمّدتُ هَجرَها،
- وَلَمْ تَدرِ ما خَطبُ الهَوَى، وَبَلابِلُهْ
- وإنّي لأقْلي بَعْضَ مَنْ لا يُرِيبُهُ
- صُدودي، وأهوَى بعضَ من لا أَوَاصِلُهْ
- أبَرْقٌ تَجَلّى أمْ بَدا ابنُ مُدَبِّرٍ
- بغُرّةِ مَسؤُولٍ، رأى البِشرَ سائِلُهْ
- فَما قَطَعتْ بالمُستَميحِ ظُنُونُهُ،
- فيُكدي، ولا خابتْ لدَيهِ وسائلُهْ
- يُخَاتِلُنَا عَنْ مَدحِنَا مُتَطَوِّلٌ،
- إذا ما أرَدْنا نَيْلَهُ لا نُخَاتِلُهْ
- ألَطّتْ بهِ الحُمّى ثَلاثاً، وَوَدّها
- لَوَ أنّ وَشيكَ البُرْءِ أُمهِلَ عاجِلُهْ
- تُعَاوِدُهُ تَوْقاً إلَيهِ، وَلَمْ يَزَلْ
- يَتُوقُ إلَيْهِ الإلْفُ، حينَ يُزَايِلُهْ
- وَكَانت حَرًى ألاّ تَعُودَ لوِ اغتَدَتْ
- معَ الجَيشِ يَوْمَ الهِندُوَانِ، تُقاتِلُهْ
- فتًى لمْ يُنَكّبُهُ الشّبَابُ عن الحِجَى،
- وَلَمْ يَنْسَ عَهدَ اللّهوِ، والشّيبُ شاملُهْ
- إذا بَعَثَتْهُ الأرْيَحِيّةُ أضْعَفَتْ
- أياديه، أوْ جَاءَتْ تُؤاماً فَوَاضِلُهْ
- إذا سؤدَدٌ دانَى لَهُ مَدَّ هَمَّهُ
- إلى سُؤدَدٍ نائي المَحَلّ، يُزَاوِلُهْ
- تَوَقَّعُ أنْ يَحْتَلّها دَرَجُ العُلَى،
- كما انتَظَرَتْ أوْبَ الهِلالِ مَنَازِلُهْ
- وَصَلْتُ بكَفّي كَفّهُ، فَمَدَدْتُها
- إلى مَطلَبٍ، أيْقَنْتُ أنّيَ نائِلُهْ
- وأبْثَثْتُهُ شأني، وَجَنّبْتُ مُعْرِضاً،
- ليَفعَلَ صَوْبُ المُزْنِ ما هوَ فاعِلُهْ
- وألقَيْتُ أمْرِي في مُهِمّ أُمُورِهِ،
- ليَحمِلَ رَضْوَى ما تَغَمّدَ كاهِلُهْ
- وَقَدْ حَكّمُوهُ وَهوَ في كلّ مُشكلٍ
- سَرِيعُ القَضَاءِ، مُرتَضَى الحكمِ،فاصِلُهْ
- فلَمْ يَبْقَ إلاّ نَهْضَةٌ يَسْتَخِفُّهَا
- تحَرّيهِ، إذْ عَاقَ الزّهيدَ تَثَاقُلُهْ
- وَكَمْ غِرّةٍ للمَجْدِ بادَرَ فَوْتَهَا،
- وَعَائِرِ حَمْدٍ أعْلَقَتْهُ حَبَائِلُهْ
- وإنّ ارْتِقَابي ضَيْعَتي مِنْ جَنابِهِ،
- كَمَا ارْتَقَبَ السّارِي الصّباحَ يُقابِلُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه