الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> رنو ذاك الغزال أو غيده >>
قصائدالبحتري
رنو ذاك الغزال أو غيده
البحتري
- رُنُوُّ ذاكَ الغَزَالِ، أوْ غَيَدُهْ
- مُولِعُ ذي الوَجْدِ بالذي يجدُهْ
- عندَكَ عَقلُ المُحبّ، إنْ فَتكَتْ
- بهِ عُيُونُ الظّبَاءِ، أوْ قَوَدُهْ
- دَمْعٌ، إذا قُلتُ كَفَّ هَاملُهُ،
- أجرَاهُ هَجْرُ الحَبيبِ، أو بَعَدُهْ
- وَلاَ يُؤدّي إلى الحسانِ هَوًى،
- مَنْ لا تَرَى أنَّ غَيّهُ رَشَدُهْ
- أُخَيّ إنّ الصّبَا استَمَرّ بهِ
- سَيرُ اللّيَالي، فأنهَجَتْ بُرَدُهْ
- تَصُدُّ عَنّي الحَسناءُ مُبعِدَةً،
- إذْ أنا لا قُرْبُهُ، ولا صَدَدُهْ
- شَيْبٌ عَلى المَفْرِقَيْنِ بَارِضُهُ
- يَكثُرُني، أنْ أبينَهُ، عَدَدُهْ
- تَطْلُبُ عندي الشّبَابَ ظالمَةٌ،
- بُعَيْدَ خمسينَ، حَيثُ لا تجدُهْ
- لا عَجَبٌ، إنْ مَلِلْتِ خِلّتَنَا،
- فافتَقَدَ الوَصْلَ منكِ مُفْتَقِدُهْ
- مَنْ يَتَجَاوَزْ على مُطَاوَلَةِ العَيْـ
- ـشِ تُقَعْقِعْ منْ مَلّةٍ عُمُدُهْ
- عَادَ بحُسنِ الدّنْيَا وَبَهْجَتِهَا
- خَليفَةُ الله مُرْتَجَى صَفَدُهْ
- مُنخَرِقُ الكَفّ بالعَطَاءِ، مَكيـ
- ـثُ السّطوِ دونَ الجانينَ، مُتّئدُهْ
- فَخْمٌ، إذا حَطّتِ الوُفُودُ إلى
- فِنَائِهِ لمْ يَضِقْ بها بَلَدُهْ
- رِدْءٌ لأهْلِ الإسْلاَمِ أينَ عُنُوا،
- مُتّصِلٌ منْ وَرَائِهمْ مَدَدُهْ
- تكلأُهُمْ عَيْنُهُ، وَتَرْجُفُ منْ
- نَقيصَةٍ أنْ تَنَالَهُمْ، كَبِدُهْ
- كأنّهُ وَالدٌ يَرِفُّ بهِ
- مُفرِطُ إشْفَاقِهِ، وَهُمْ وَلَدُهْ
- قَدْ خَصَمَ الدّهْرُ عَنْ مُقلّهمِ
- بالجُودِ، والدّهْرُ بَيّنٌ لَدَدُهْ
- مُعْتَمِدٌ فيهمْ على الله تَنْقَا
- دُ إلى سَيْبِهِ، فتَعْتَمدُهْ
- لا تَقْرَبَنْ سُخْطَهُ، فإنّ لَهُ
- مُسْتَنْقَعاً يَجْتَوِيهِ مَنْ يَرِدُهْ
- مُظَفَّرٌ، ما تَكادُ تَسرِي منَ الآ
- فَاقِ إلاّ بمُفرِحٍ بُرُدُهْ
- أرْسَالُ خَيْلٍ، إذا أطَلّ بها
- على أقَاصِي ثَغْرٍ دَنَا أمَدُهْ
- إنْ رُفعَتْ للعِدَى قَسَاطِلُهَا،
- أنْجَزَ صَرْفُ الزّمانِ ما يَعِدُهْ
- وَاقَعنَ جَمعَ الشُّرَاةِ، مُحتَفِلاً،
- بالزّابِ، والصّبحُ ساطعٌ وَقَدُهْ
- غداة يوم أعيا على عصب
- من المحلين أن يكر غده
- أيْنَ نَجَوْا هَارِبِينَ عَارَضَهُمْ
- باغٍ من المَوْتِ مُشرِفٌ رَصَدُهْ
- بَاتُوا، وَبَاتَ الخَطِيُّ آوِنَةً
- مُنْشَبَةً في صُدُورِهِمْ قِصَدُهْ
- يَخْتَلِطُ الزّابُ في دِمَائِهِمْ،
- حَتّى غَدا الزّابُ مُشْرَباً زَبَدُهْ
- أرْضَى المَوَالي نُصْحٌ يَظلُّ عُبَيدُ الـ
- ـلّهِ يَغْلُو فيهِم، وَيَجْتَهدُهْ
- يَجرِي على مَذهَبِ الإمامِ لَهُمْ،
- وَيَحتَذي رَأيَهُ، فيَعْتَقدُهْ
- وَيَغْتَدي، في صلاح شأنهمُ،
- لسَانُهُ المُكْتَفي بهِ، ويَدُهْ
- يَستَثْقلُ النّائمُونَ منْ وَسَنٍ،
- وَهْوَ طَوِيلٌ في شأنهمْ سَهَدُهْ
- تَرَفُّقاً في اطِلابِ مَالهمُ،
- وَجَمْعهِ، أو يَعُمَّهُمْ بَدَدُهْ
- تَرَفُّقَ المَرْءِ في ذَخِيرَتِهِ،
- آذاهُ ضِيقُ الزّمانِ، أوْ صَلَدُهْ
- وَزِيرُ مَلْكٍ تَمّتْ كفَايَتُهُ،
- فَلَمْ يَهِنْ حَزْمُهُ وَلاَ جَلَدُهْ
- مأخُوذَةٌ للأُمُورِ أُهْبَتُهُ،
- نَسْبُقُهُا، قَبلَ وَقتها، عُدَدُه
- لا تَهْضِمُ الرّاحُ حَدَّهُ أُصُلاً،
- وَلا تَبِيتُ الأوْتَارُ تَضْطَهِدُهْ
- لا يَصِلُ الصّاحبُ الأخَصُّ إلى
- مَطْوِيّ سِرٍّ أجَنَّهُ خَلَدُهْ
- إنْ غَلّسَ المُدْهِنُونَ في خَمَرٍ،
- أضْحَى على الحقّ ظاهراً جَدَدُهْ
- أو عَالَجَ الأمْرَ، وَهْوَ مُمْتَنِعٌ،
- تَيَسّرَتْ لانْحلاله عُقْدُهْ
- قَوّمَ مَيْلَ الزّمَانِ، فاطّأدَتْ
- لَنَا أوَاخِيهِ، واستَوَى أوَدُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه