الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ترى الليل يقضي عقبة من هزيعه >>
قصائدالبحتري
ترى الليل يقضي عقبة من هزيعه
البحتري
- تُرَى اللّيلُ يَقضِي عُقبَةً من هَزِيعِهِ،
- أمِ الصّبْحُ يَجلُو غُرّةً من صَديعِهِ
- أوِ المَنْزِلُ العافي يَرُدُّ أنيسَهُ
- بُكَاءٌ عَلى أطْلاَلِهِ، وَرُبُوعِهِ
- إذا ارْتَفَقَ المُشْتَاقُ كانَ سُهَادُهُ
- أحَقَّ بجَفْنَيْ عَيْنِهِ مِنْ هُجُوعِهِ
- وَلُوعُكَ أنّ الصّبّ إمّا مُتَمِّمٌ
- على وَجْدِهِ، أوْ زَائِدٌ في وَلُوعِهِ
- وَلاَ تَتَعَجّبْ مِنْ تَمَادِيهِ إنّهَا
- صَبَابَةُ قَلْبٍ مُؤيِسٍ مِنْ نُزُوعِهِ
- وَكنتُ أُرَجّي في الشّبَابِ شَفَاعةً،
- وَكَيْفَ لبَاغي حَاجَةٍ بشَفيعِهِ
- مَشيبٌ كَنَثّ السّرّ عَيَّ بحَمْلِهِ
- مُحَدّثُهُ، أوْ ضَاقَ صَدرُ مُذيعِهِ
- تَلاَحَقَ حتّى كادَ يأتي بطيئُهُ،
- بحَثّ اللّيَالي، قَبْلَ أتْيِ سَرِيعِهِ
- أخَذْتُ لهَذا الدّهْرِ أُهْبَةَ صَرْفِهِ،
- وَلَمّا أُشَارِكْ عاجِزِاً في هُلُوعِهِ
- وَلَمْ تُبْنَ دارُ العَجْزِ للمُحْلِسِ الذي
- مَطِيّتُهُ مَشْدُودَةٌ بِنُسُوعِهِ
- وَلَيْسَ امرَاً إلاّ امرُؤٌ ذَهَبَتْ بِهِ
- قَنَاعَتُهُ، مُنْحَازَةً عَنْ قُنُوعِهِ
- إذا صَنَعَ الصَّفّارُ سُوءَاً لنَفْسِهِ،
- فَلا تَحْسُدِ الصَّفّارَ سُوءَ صَنيعهِ
- وَكانَ اختيالُ العِلجِ من عَطَشِ الرّدَى
- إلى نَفْسِهِ، شَرَّ النّفُوسِ، وَجُوعِهِ
- عَبَا لجَميعِ الشرّ هِمّةَ مَائِقٍ،
- وَقَد كانَ يكفي بَعضُهُ من جَمِيعِهِ
- وَرَدّتْ يَدَيْهِ، عَنْ مُسَاوَاةِ رَافعٍ،
- زِيَادَةُ عالي القَدْرِ عَنْهُ، رَفيعِهِ
- بصَوْلَتِهِ كَانَ انْقِضَاضُ بِنَائِهِ
- لأسفَلِ سِفْلٍ، وانفِضَاضُ جموعِهِ
- وَلَمْ يَنْقَلِبْ مِنْ بَسْتَ، إلاّ وَرَأيُهُ
- شَعَاعٌ، وإلاّ رَوْعُهُ شُغْلُ رُوعِهِ
- فإنْ يَحْيَ لا يُفلِحْ، وإن يَثْوِ لا يكنْ
- لِبَاكٍ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ لدُمُوعِه
- دَمٌ إنْ يُرَقْ لا يَقْضِ تَبْلاً مَرَاقُهُ،
- وَلاَ يُطْفِىءُ الأوْغَامَ لُؤمُ نَجِيعِهِ
- شَفَى بَرَحَ الأكْبَادِ أنّ ابنَ طاهِرٍ
- هَوَتْ أُمّ عاصِيهِ بسَيْفِ مُطيعِهِ
- تُرَجّي خُرَاسَانٌ جِلاَءَ ظَلاَمِهَا
- ببَدْرٍ، منَ الغَرْبِ ارْتِقَابُ طُلُوعِهِ
- مَتَى يأتِهَا يُعْرَفْ مُقَوِّمُ دَرْئِهَا،
- وَلاَ يَخْفَ كافي شأنِهَا من مُضِيعِهِ
- مَتَى قِظْتَ في شَرْقِ البِلادِ، فإنّني
- زَعِيمٌ بأنّ قَيْظَهُ مِنْ رَبِيعِهِ
- لَقَدْ جَشِمَ الأعْدَاءُ وِرْدَ نَفَاسَةٍ
- عَلَيْكَ، يُلاقُونَ الرّدى في شُرُوعِهِ
- وَكَمْ ظَهَرَتْ، بعْدَ استِتَارِ مكانِها،
- شَنَاةٌ، خَباها كاشحٌ في ضُلُوعِهِ
- وَمَرْضَى من الحُسّادِ قد كانَ شَفَّهُمْ
- تَوَقُّعُ هَذا الأمْرِ، قَبْلَ وُقُوعِهِ
- وَمَا عُذْرُهُمْ في أنْ تُعَلّ صُدُورُهمْ
- على ناشرِ الإحْسانِ فيهِمْ، مُشيعِهِ
- لَئِنْ شَهَرَ السّلطانُ أمضَى سُيُوفِهِ،
- وَرَشّحَ عُودُ المُلْكِ أزْكَى فُرُوعِهِ
- فَلاَ عَجَبٌ أنْ يَطْلُبَ السّيلُ نَهْجَهُ،
- وأنْ يَستَقيمَ المُشتَري مِنْ رُجُوعِهِ
المزيد...
العصور الأدبيه