الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> إن سير الخليط حين استقلا >>
قصائدالبحتري
إن سير الخليط حين استقلا
البحتري
- إنّ سَيْرَ الخَليطِ، حينَ اسْتَقَلاّ،
- كانَ عَوْناً للدّمعِ حَتَّى استَهَلاّ
- والنّوَى خِطّةٌ منَ الدَّهْْرِ ما يَنفكُّ
- يُشجَى بهاِ المُحبُّ، وَيُبْلَى
- فأقِلاّ، في عَلْوَةَ،اللّوْمَ إنّي
- زَائِدٌ في الغَرَامِ، إنْ لَم تُقِلاّ
- تِلْكَ أيّامُهَا الذّوَاهِبُ منْ أحْـ
- ـسنِ عَيشٍ مَضَى، وَدَهْرٍ تَوَلّى
- وَخَيَالٍ ألَمّ مِنْهَا عَلى سا
- عَةِ هَجْرٍ، فقُلتُ: أهْلاً وَسَهلا
- ما أُضِيعَ الهَوَى وَلا نُسِيَ الخِلُّ
- الذي ضَيّعَ الهَوَى، وَتَخَلّى
- حَاطَهُ الله حَيْثُ أضْحَى وأمْسَى ،
- وَتَوَلاّهُ حَيثُ سَارَ وَحَلاّ
- سَكَنٌ مُغْرَمٌ بِهَجْرِيَ يَزْدَا
- دُ صُدوداً إذا أنا ازْدَدْتُ وَصْلا
- وَبِوُدّي لَوِ اسْتَطَعْتُ فََخَفّفْـ
- ـتُ بصَبْرٍ عَنْ سَيّدي حينَ مَلاّ
- وَمَعَاذَ الإلَهِ أنْ أتَعَزّى
- عَنهُ، طولَ الأََيَّامِِ، أو أتَسَلّى
- قد لَبِستُ الهَوَى وإنْ كانَ ضُرّاً،
- وَتَحَمّلْتُهُ، وإنْ كانَ ثِقْلا
- وَتَذَلّلْتُ جَاهِداً لمَليكي،
- وَقَليلٌ مِنْ عَاشِقٍ أنْ يَذِلاّ
- أصْبَحَتْ رُتْبَةُ الخِلاَفَةِ للمُعـ
- ـتَزّ بالله مَنْزِلاً، وَمَحَلاّ
- جَمَعَ الله شَمْلَهَا في يَدَيْهِ،
- وَرآهُ لَهَا مَكَاناً، وَأهْلا
- وَلِيَتْ نَصْرَهُ المُوَالي فأعْطَتْـ
- ـهُ عُلُوّ السّمَاكِ، أوْ هُوَ أعْلَى
- مَلِكٌ ما بَدَا لعَيْنِكَ إلاّ
- قُلتَ بَحرٌ طَمَا، وَبَدرٌ تَجَلّى
- لابِسٌ حُلّةَ الوَقَارِ، وَمِنْ
- أُبّهَةِ السّيفِ أنْ يَكُونَ مُحَلّى
- يا جَمَالَ الدّنْيا سَنَاءً، وَمَجْداً،
- وَثِمَالَ الدّنْيَا عَطَاءً، وَبَذْلا
- كُلّمَا حُصّلَتْ مَساعي قُرَيْشٍ،
- طِبْتَ فَرْعَاً في مُنْتَمَاهَا، وَأصْلا
- لكَ مَحضُ النِّجارِ فيها المُصَفّى
- غيرَ شَكٍّ، والقِدْحُ منَها المُعَلّى
- يابْنَ عَمّ النّبيّ والحَبْرِ والسّجّادِ
- والكَامِلِ الذي بَانَ فَضْلاَ
- لَهُمُ زَمْزَمٌ وأفْنِيَةُ الكَعْـ
- ـبَةِ والحِجْرُ والصّفَا والمُصَلّى
- مَنْ أبَى حُبكُمْ فَلَيْسَ منَ الله
- وَلَوْ صَامَ ألفَ عامٍ، وَصَلّى
- لمْ يَزَلْ حَقُّكَ المُقَدَّمُ يَمْحُو
- باطلَ المُستَعَارِ، حتّى اضْمخَلاًّ
- قد طَلَبْنا فلَمْ نجدْ لكَ، في السّؤ
- دَدِ والمَجدِ والمَكَارِمِ، مِثلا
- أنتَ أندَى كَفّاً، وأشرَفُ أخْلا
- قاً، وأزْكَى قَوْلاً، وأكرَمُ فِعْلاَ
- طَالَعَتكَ السّعُودُ فانْسَكَبَ الغَيْـ
- ـثُ رَذاذاً في ساحتَيكَ وَهطْْلاَ
- وأتَى العِيدُ في دُجُونٍ تَتَبّعْـ
- ـنَ غَلِيلَ البَطْحَاءِ حَتّى استَبَلاَ
- عارَضَتْكَ الأنْوَاءُ فيها سَمَاحاً،
- وَحَكَتْكَ السّماءُ سَّحا وَوْبلاَ
- ذاكَ فَضْلٌ أُوتيتَهُ كُنتَ مِنْ بَيْـ
- ـنِ البَرَايَا بِهِ أحَقَّ وأوْلَى
- وَعَطَاءٌ مِنَ الإلَهِ فَلاَ زِلْـ
- ـتَ مُهَنّا ذاكَ العَطاءِ، مُمَلّى
المزيد...
العصور الأدبيه