الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> ألمت وهل إلمامها لك نافع >>
قصائدالبحتري
ألمت وهل إلمامها لك نافع
البحتري
- ألَمّتْ، وَهَلْ إلمامُها لكَ نَافِعُ،
- وَزَارَتْ خَيالاً والعُيُونُ هَوَاجِعُ
- بِنَفْسِيَ مَنْ تَنَأى وَيَدْنُو ادّكَارُها،
- وَيَبْذُلُ عَنها طَيْفُها، وَتُمَانِعُ
- خَلِيلَيّ، أبْلاني هَوى مُتَلَوّنٍ،
- لَهُ شِيمَةٌ تَأبَى، وأُخرَى تُطاوِعُ
- وَحَرّضَ شوْقي خاطرُ الرّيحُ إذْ سرَى،
- وَبْرقٌ بَدَا من جانبِ الغَربِ لامِعُ
- وَمَا ذَاكَ أنّ الشّوْقَ يَدْنُو بنازِحٍ،
- وَلا أنّني في وَصْلِ عَلْوَةَ طَامِعُ
- خَلاَ أنّ شَوْقاً ما يَغُبُّ، وَلَوْعَةً،
- إذا اضطَرَمَتْ فاضَتْ عَليها المَدامعُ
- عَلاقَةُ حُبٍّ، كنتُ أكتُمُ بَثَّهَا،
- إلى أنْ أذَاعَتها الدّموعُ الهَوَامِعُ
- إذا العَينُ رَاحتْ وَهيَ عَينٌ على الجَوَى،
- فَلَيْسَ بسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضَالِعُ
- فَلاَ تَحسَبَا أنّي نَزَعتُ، ولَمْ أكُنْ
- لأنْزِعَ عَنْ إلْفٍ إلَيْهِ أُنَازِعُ
- وإنّ شِفَاءَ النّفْسِ، لَوْ تَستَطِيعُهُ،
- حَبِيبٌ مُؤَاتٍ، أو شَبَابٌ مُرَاجِعُ
- ثَنَى أمَلي، فاحْتَازَهُ مَن مَعَاشِرٍ،
- يَبيتُونَ، والآمَالُ فيهِمْ مَطامِعُ
- جَنَابٌ مِنَ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ مُمرِعٌ،
- وَفَضْلٌ منَ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ واسِعُ
- أغَرُّ، لَهُ مِن جُودِهِ وَسَمَاحِهِ،
- ظَهِيرٌ عَلَيْهِ ما يَخِيبُ وَشَافِعُ
- وَلَمّا جَرَى للمَجْدِ، والقَوْمُ خَلفَهُ،
- تَغَوّلَ أقصَى جُهْدِهِمْ وَهوَ وادِعُ
- وَهَلْ يَتَكافَا النّاسُ شتّى خِلالُهمْ،
- وَمَا تَتَكافَا، في اليَدَينِ، الأصَابِعُ
- يُبَجَّلُ إجْلالاً، وَيُكبَرُ هَيْبَةً،
- أصِيلُ الحِجَى فيهِ تُقًى وَتَوَاضُعُ
- إذا ارْتَدّ صَمْتاً فالرّوءسُ نَوَاكِسٌ،
- وإنْ قَالَ فالأعناقُ صُورٌ خَوَاضِعُ
- وَتَسْوَدُّ مِنْ حَمْلِ السّلاحِ وَلُبْسِهِ
- سَرَابِيلُ وَضّاحٍ، بهِ المِسكُ رَادِعُ
- مُنِيفٌ على هَامِ الرّجالِ، إذا مَشَى
- أطَالَ الخُطَى، بادي البَسالَةِ رَائِعُ
- وأغْلَبُ ما تَنْفَكُّ مِنْ يَقَظاتِهِ
- رَبَايَا عَلى أعْدَائِهِ، وَطَلائِعُ
- جَنانٌ، على ما جَرّتِ الحَرْبُ، جامعٌ،
- وَصَدْرٌ، لِمَا يأتي بهِ الدّهرُ، واسِعُ
- يَدٌ لأمِيرِ المُؤمِنِينَ وَعُدّةٌ،
- إذا التَاثَ خَطْبٌ أوْ تَغَلّبَ خالِعُ
- مُغامِسُ حَرْبٍ مَا تَزَالُ جِيَادُهُ
- مُطَلَّحَةً، مِنْهَا حَسيرٌ وَظَالِعُ
- جَديرٌ بأنْ تنشقّ عَنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ
- ضَبَابَةُ نَقْعٍ، تَحْتَهُ المَوْتُ ناقِعُ
- وأنْ يَهْزِمَ الصَّفَّ الكَثِيفَ بطَعْنَةٍ،
- لَهَ عَامِلٌ، في إثرِها، مُتَتَابِعُ
- تَذُودُ الدّنَايَا عَنْهُ نَفْسٌ أبِيّةٌ،
- وَعَزْمٌ، كَحَدّ الهُنْدُوَانِيّ، قاطِعُ
- مُبِيدٌ، مَقيلُ السّرّ، لا يقبل التي ُ
- يُحاولُها منهُ الأريبُ المُخادعُ
- وَلاَ يَعْلَمُ الأعْدَاءُ مِنْ فَرْطِ عَزْمِهِ
- متَى هُوَ مَصْبُوبٌ عَلَيْهِمْ فَوَاقِعُ
- خَلاَئِقُ مَا تَنْفَكُّ تُوقِفُ حَاسِداً،
- لهُ نَفَسٌ في أثْرِها، مُتَرَاجِعُ
- وَلَنْ يَنقُلَ الحُسّادُ مَجدَكَ بَعدَما
- تَمكّنَ رَضْوَى،واطمَأنّ مَتَالِعُ
- أأكفُرُكَ النَّعْمَاءَ عِندي، وَقد نمتْ
- عَليّ نُمُوَّ الفَجْرِ، والفَجْرُ ساطِعُ
- وأنتَ الذي أعْزَزْتَني بَعدَ ذِلّتي،
- فلا القوْلُ مَخفوضٌ ولا الطّرْفُ خاشعُ
- وأغْنَيْتَني عَن مَعشَرٍ كُنتُ بُرْهَةً
- أُكَافِحُهُمْ عَن نَيْلِهِمْ، وأُقَارِعُ
- فَلَسْتُ أُبَالي جَادَ بالعرف باذل
- على راغبٍ ضن بالخَيرِ مانِعُ
- وأقصَرْتُ عَن حَمدِ الرّجَالِ وذمِّهم،
- وَفيهِمْ وَصُولٌ للإخَاءِ، وَقَاطِعُ
- أرَى الشّكْرَ في بَعْضِ الرّجَالِ أمانَةً
- تَفَاضَلُ، والمَعْرُوفُ فيهِمْ ودائِعُ
- وَلَمْ أرَ مِثْلِي أتْبَعَ الحَمْدَ أهْلَهُ،
- وَجَازَى أخَا النُّعْمَى بِما هُوَ صانِعُ
- قَصَائِدُ مَا تَنْفَكُّ فيها غَرَائِبٌ
- تألّقُ في أظعافهَا وَبَدَائِعُ
- مُكَرَّمَةُ الأنْسَابِ، فيها وسَائِلٌ
- إلى غَيْرِ مَنْ يُحْبَى بهَا، وَذَرَائِعُ
- تَنالُ مَنَالَ اللّيلِ في كُلّ وِجْهَةٍ،
- وَتَبقَى كَمَا تَبقَى النّجُومُ الطّوَالِعُ
- إذا ذَهَبَتْ شَرْقاً وَغَرْباً، فأمْعَنَتْ،
- تَبَيّنْتُ مَنْ تَزْكُو لَدَيهِ الصّنَائِعُ
المزيد...
العصور الأدبيه