الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن عنين >> يا دهرُ ويحكَ ما عدا ممَّا بدا >>
قصائدابن عنين
يا دهرُ ويحكَ ما عدا ممَّا بدا
ابن عنين
- يا دهرُ ويحكَ ما عدا ممَّا بدا
- أرسلتُ سهم الحادثاتِ فأقصدا
- أغْمدتَ سيفاً مرهَفاً شَفَراتُه
- قد كان في ذات الإله مُجرّدا
- فافعلْ بجَهدِكَ ما تشاءُ فإِنني
- بعدَ المعظَّم لا أُبالي بالرَّدى
- ما خلتهُ يفنى وأبقى بعدهُ
- يا بؤس عيشي ما أمرَّ وأنكدا
- لهفي على بدرٍ تغيَّب في ثرى
- رمسٍ وبحرٍ في ضريحٍ ألحدا
- أبقيتَ لي يا دهرُ بعدَ فراقهِ
- كبداً مقرَّحة ً وجفناً أرمدا
- وجوى ً يُؤجّجُ بين أَثناءِ الحشا
- ناراً تزايدُ بالدموعِ توقُّدا
- لم كانَ خلقٌ بالمكارمِ والتُّقى
- يبقى لكان مدى الزمانِ مُخلَّدا
- أو كان شقُّ الجيبِ ينقذُ من ردى ً
- شَقَّتْ عليكَ بنو أبيك الأكبُدا
- أو كانَ يغني عنكَ دفعٌ بالقنا الـ
- ـخَطيِّ غادَرَتِ الوَشيجَ مُقَصّدا
- ولقد تمنَّتْ أنْ تكونَ فوارسٌ
- من آل أيوبَ الكرامِ لكَ الفدا
- أبكيتَ حتى نَثْرَة ً وطِمِرَّة ً
- وحزنتَ حتى ذابلاً ومهنّدا
- كم ليلة ٍ قد بتَّ فيها لا ترى
- إلاّ ظهورَ الأعوجيّة ِ مرقدا
- تَحمي حِمى الإسلامِ منتصراً لهُ
- بعزائمٍ تستقربُ المستبعدا
- ولرُبَّ ملهوفٍ دَعاهُ لحادثٍ
- جَلَلٍ فكانَ جوابُه قبلَ الصَّدى
- ولطالما شيمتْ بوارقُ كفّهِ
- فهمتْ سحائبُها علينا عَسجدا
- ما ضلَّ غمرٌ عن محجَّة ِ قصدهِ
- إِلاَّ وكان لهُ إِليها مُرشِدا
- يا مالكاً من بعدِ فقدي وجهَه
- جارَ الزمانُ عليَّ بعدكَ واعتدى
- أَعززْ عليَّ بأنْ يزورَك راثياً
- مَن كان زاركَ بالمدائحِ مُنشِدا
- كم مورِدٍ ضنكٍ وردتَ وطعمُه
- مرٌّ وقد عافَ الكماة ُ الموردا
- وعزيزِ قومٍ مترَفٍ سربلتَه
- ذُلاّ وكان الطّاغِيَ المتمرّدا
- أَركبتَه حلَقاتِ أَدهمَ قصَّرتْ
- منه الخطا من بعدِ أشقرَ أجردا
- لولا دفاعُكَ بالصوارِمِ والقنا
- عن حوزة ِ الإسلامِ عادَ كما بدا
- وديارُ مصرٍ لو ونتْ عزماتهُ
- عن نصرها لتمكنتْ فيها العدا
- ولأمستِ البيضُ الحرائرُ أسهماً
- فيها سبايا والموالي أَعْبُدا
- ولأصبحتْ خيلُ الفرنجِ مُغيرة ً
- تجتابُ ما بينَ البقيعِ إلى كدى
- وبثغرِ دمياطٍ فكم من بيعة ٍ
- عبدَ الصليبُ بها وكانَت مسجدا
- أنقذتها من خطَّة ِ الخسفِ التي
- كانت أحلَّتها الحضيضَ الأوْهدا
- أجلَيتَ ليلَ الكفرِ عنها فانطوى
- وأنرتَ في عرصاتها فجرَ الهدى
- ولقدْ شهدتكَ يومَ قيساريَّة ٍ
- والشمسُ قد نسجَ القتامُ لها ردا
- والكفرُ معتصمٌ بسورٍ مشرفِ الـ
- أبراجِ أحكم بالصفيحِ وشيِّدا
- فجعلتَ عاليها مكانَ أساسِها
- وألنتَ للأخشابِ فيها الجامدا
- قلْ للأعادي إنْ فقدنا سيّداً
- يَحمي الذمارَ فقد رُزِقنا سيّدا
- الناصرُ الملكُ الذي أضحى برو
- حِ القدسِ في كلِّ الأمورِ مؤيَّدا
- أعلى الملوكِ محلَّة ً وأسدُّهم
- رأياً وأشجعُهم وأطولُهم يدا
- ماضي العزيمة ِ لا يرى في رأيهِ
- يومَ الكريهة ِ حائراً متردِّدا
- يقظٌ يكادُ يريهِ ثاقبُ فكرهِ
- في يومهِ ما سوفَ يأتيهِ غدا
المزيد...
العصور الأدبيه