الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ >>
قصائدابن الرومي
ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ
ابن الرومي
- ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ
- نَوى يوماً بنهر أبي الخصيبِ
- وقد أرستْ بنا في ضَفَّتيه الر
- جواري المنشآت مع المغيبِ
- غدونَ بنا ورُحْنَ محمَّلاتٍ
- قلوباً مُوقَرَات بالكُروبِ
- تجوز بنا البحار إذا استقلَّتْ
- وتُسلمُها الشَّمالُ إلى الجنوبِ
- وبين ضلوعها أبناءُ شوقٍ
- نأتْ بهم عن البلد الرحيبِ
- نأتْ بهمُ عن اللذات قَسْراً
- ووصل الغانيات إلى الحُروبِ
- إلى دارٍ أبتْ فيها المنايا
- رجوعاً للمحب إلى الحبيبِ
- فقلت ومقلتاي حياءَ صحبي
- تذودان الجفونَ عن الغروبِ
- لعل الفردَ ذا الملكوت يوماً
- سيَقضي أوبة َ الفرد الغريبِ
- فما برحتْ عن العِبْرَيْن حتَّى
- رُددْنَ إلى الأُبُلَّة من قريبِ
- وراحت وهي مثقَلة تهادَى
- إلى مغنى أبي الحسن الجديبِ
- محلٌّ ما ترى إلا صريعاً
- به ملقى ً وذا خد تَريبِ
- وطال مقامنا فيه وكادتْ
- تنال نُفُوسَنا أيدي شَعُوبِ
- فلم تك حيلة ٌ نرجو خَلاصاً
- بها إلا التضرُّعَ للمجيبِ
- ولما حُمَّ مرجِعُنَا وصحّتْ
- على الإيجاف عَزْمات القلوبِ
- دَخَلْنَا من بنات البحر جونا
- تهادى بين شبَّان وشيبِ
- نواجٍ في البطائح ملقِيَاتٌ
- حيازمَها على الهول المهيبِ
- مُزمَّمَة ُ الأواخرِ سائراتٌ
- على أصلابها شَبَهَ الدبيبِ
- تكادُ إذا الرياحُ تعاورتْها
- تفوتُ وفودَها عند الهبوبِ
- مسخرة ً تجوب دجى الليالي
- بمثل الليل كالفرس الذَّنوبِ
- أبت أعجازُها بمقدَّماتٍ
- لها إلا مطاوعة َ الجنُوبِ
- غَنِينَ عن القوادم والهوادي
- وعن إسْرَاجِهِنَّ لدى الركوبِ
- حططنَ بواسطٍ من بعد سبعٍ
- وقد مال الشروقُ إلى الغروبِ
- ووافتنا رياحٌ حاملاتٌ
- إلينا نشرَ لابسة ِ الشُّرُوبِ
- أتت نِضْواً بَرتْهُ يدُ الليالي
- وأنحل جسمَه طولُ اللغوبِ
- وأَلبستِ الهواجرُ في الفيافي
- نضارة َ وجههِ ثوبَ الشحوبِ
- فلم نملك سوابق مُقْرَحَاتٍ
- من الأجفان بالدمع السكوبِ
- ولما شارفتْ بغداذ تسري
- بنا والليل مَزْرُورُ الجيوبِ
- وقد نُصبتْ لها شُرُعٌ أُقيمتْ
- بهنّ صدورُهُنَّ عن النكوبِ
- تضايق بي التصبّرُ عنك شوقاً
- وأسلمني الزفيرُ إلى النحيبِ
- وبِتُّ مراقباً نجمَ الثريّا
- مراقبة َ المُخالِسِ للرقيبِ
- وما طَعِمتْ جفوني الغمضَ حتى
- حللتُ عِراصَ دور بني حبيبِ
- وفي قُطربُّلٍ أطلالُ مَغنى ً
- بهن ملاعبُ الظبي الرَّبيبِ
- فكم لي نحوهنّ من التفاتٍ
- وأنفاسٍ تَصعَّد كاللهيبِ
- ومن لحظات طرفٍ طاوياتٍ
- حشايَ برجعهنَّ على نُدوبِ
- ورحنا مسرعين إليك شوقاً
- مسارعة َ العليلِ إلى الطبيبِ
- لكي نُرْوي نفوساً صادياتٍ
- بقربٍ منك للصادي مُصيبِ
- وجاوزنا قرى بغداذ حَتَّى
- دَلَلْنَا عليك أصواتُ الغروبِ
- وهَيَّجَتِ الصَّبَا لمَّا تبدَّتْ
- بريّاً منك في القلب الكئيبِ
- وواجهنا بغرة سُرَّمَنْ را
- وجُوهاً أكذبتْ ظنَّ الكذوبِ
- وردَّتْ ماءَ وجهي بعد ظِمْءٍ
- وسودَ غدائري بعد المشيبِ
- فسبحان المؤلِّف عن شتاتٍ
- ومن أدنى البعيد من القريبِ
- ولم يُشْمِتْ بنا داوودَ فيما
- رجا سَفَهاً وأمَّلَ في مغيبي
المزيد...
العصور الأدبيه