الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي >>
قصائدابن الرومي
أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي
ابن الرومي
- أرى ابنَ حريثٍ لا يُبالي عضيهتي
- ومازال قِدما بالعضيهة راضيا
- ولو نكت أيضاً لم يبالني
- كما أنه لم يلتبِس بهجائياً
- وماضرَّه ألا يُبالي بعدها
- ركوبي إياها بحيث يرانيا
- لساني وأيري لوتبيَّن أمرَه
- سواءٌ إذا ما قنَّعاهُ المخازيا
- هما الطرفان العارمانِ كلاهما
- سواءٌ على من كان غيران حاميا
- ألم تر أن اللهَ حَدَّ عليهما
- بحدٍّ وكان اللَّهُ بالعدل قاضيا
- أيا بنَ حريثٍ نكت أمك في استها
- تصبَّرُ مهجوراً وأجزعُ هاجيا
- فدونك فاصبِرْ للهجاء فإنني
- زعيمٌ به ما أصبح النيلُ جاريا
- إذا لم يبالِ المرءُ عَبطَ أديمِهِ
- فعابطُهُ أحرى بأنْ لا يُباليا
- هجائيكَ يَشفيني وإن لم تُبالِه
- وحَسبُك داءً أن أنال شِفائيا
- حلفتُ لئن أصبحت تضحكُ هازئاً
- بشعري لقد أمسى ضَميرُك باكيا
- وإنك في تنبيح شِعْري وقد بدَتْ
- نواقدُه من صفحتك دواميا
- لَكا لكلب في تَعضيضه قرنَ قِرنه
- وقد أنفَدَتْه طعنة ٌ هي ماهيا
- وأصبحَ يُخفي ما به مُتَجَلِّدِاً
- وإن كان لا يُخفي بذلك خافيا
- تكلَّف حِلماً ليس منه سَجية ً
- وأَغضى على أقذائه مُتغاضيا
- ليُبلِغَني عنه رباطة َ جأشِه
- فيكسُر في ذَرْعي ويُكْسَفُ باليا
- وما احتالَ إلا بعدما عيلَ صبرُه
- وأَوْلى بداهٍ أن يُخادعَ داهيا
- كأني أراهُ حين قَدَّر أمرَهُ
- فأمَّر نفسيه هنا لك خاليا
- فقالت له إحداهما إنَّ ذِلة ً
- من المرءِ أن يُحمي وألا يُحاميا
- ولستَ من القومِ الذين إذا حَمَوا
- فلا تتعرضْ للذي لستَ كافيا
- وقالتْ له الأخرى ومانصحتْ له
- بلى وارْكب الغوْصاءَ واغشَ المغاشيا
- فزاولها عن كيدِها ونكيرِها
- فلم يرَ إلا التُّرَّهاتِ اللواهيا
- فأصغى إلى أمرِ التي نصحتْ له
- وإمّا أتى رشداً فما ذاك غاويا
- عسى ابن حُريثٍ تستريحُ ظنونُه
- إلى أنني عانيتُ فيه القوافيا
- فيَشفي جواهُ أو يُنفِّس كَربه
- تظنِّيهِ أنْ قد شقَّني وعنانيا
- فلا يتخيلْ فيَّ ذاك بجهله
- فلستُ لما أهدي إليه مُعانيا
- وأنَّى أعاني فيه شعراً أقوله
- وهاجيهِ لا يبغي إله المرَاقيا
- وذاك لأن الشتْم في كلِّ ساقط
- يجيءَ مجيءَ السيل يطلبُ واديا
- سيولٌ دعاها مستقَرٌ وقادها
- مَسيلٌ فجاءت مُفْعَمات طواميا
- بَلى إنما المَرقَى الكؤود على امرىء
- تطلَّع أشرافَ الجبالِ العواليا
- كأهل الندى والبأس والعِلم والحجى
- سقى اللَّه هاتيك الذُّرى والروابيا
المزيد...
العصور الأدبيه