الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبو تمام >> الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ >>
قصائدأبو تمام
الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ
أبو تمام
- الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ
- بدثورها أنَّ الجديدَ سيخلقُ
- دمنٌ تجمعتِ النوى في ربعها
- وتَفَرَّقَتْ فيها السَّحابُ الفُرَّقُ
- فترقرقتْ عيني مآقيها إلى
- أَنْ خِلْتُ مُهْجَتي التي تَتَرقْرَقُ
- يا سهمُ كيفَ يفيقُ من سكرِ الهوى
- حَرَّانُ يُصْبَحُ بالفِرَاقِ ويُغْبَقُ؟!
- ما زالَ مشتملَ الفؤادِ على أسى ً
- والبَيْنُ مُشْتَمِلٌ على مَنْ يَعْشَقُ
- حكمتْ لأنفسها الليالي أنَّها
- أَبداً تُفَرقُنا ولاتَتَفَرَّقُ
- عمرِي لقَدْ نَصَحَ الزَّمانُ وإِنَّه
- لمنَ العجائبِ ناصحٌ لا يشفقُ !
- إنْ تلغِ موعظة َ الحوادثِ بعدما
- وضحتْ فكمْ منْ جوهرٍ لا ينفقُ !
- إِنَّ العَزَاءَ وإِنْ فَتى ً حُرِمَ الغِنَى
- رزقٌ جزيلٌ للذي لا يُرزقُ !
- هممُ الفتى في الأرضِ أغصانُ الغنى
- غُرِسَتْ وليسَتْ كلَّ عامٍ تُورِقُ
- يا عُتْبَة َ ابنِ أَبي عُصَيْمٍ دَعْوَة ً
- شَنْعَاءَ تَصْدِمُ مِسْمَعَيْكَ فتَصْعَقُ
- أخرست إذْ عاينتني حتى إذا
- ما غبت عنْ بصري ظللتَ تشدَّقُ ؟!
- وكذا اللئيم يقولُ إنْ نأتِ النوى
- بِعَدوهِ ويَحُولُ ساعَة َ يُصْدَق
- عَيْرٌ رَأَى أَسدَ العَرينِ فَهَالَه
- حتَّى إِذَا وَلَّى تَوَلَّى يَنْهَقُ!
- أَوْ مِثْلَ رَاعي السُّوءِ أَتلفَ ضأْنَه
- ليلاً وأصبحَ فوقَ نشزٍ ينعقُ !
- هيهاتَ غالكَ أنْ تنالَ مآثري
- إستٌ بها سعة ٌ وباعٌ ضيقُ !
- وتَنْقُّلٌ مِنْ مَعْشَرٍ في مَعْشَرٍ
- فكأنَّ أمَّكَ أوْ أباكَ الزئبقُ
- أإلى بنِي عَبدِ الكَريمِ تَشاوَسَتْ
- عَيْنَاكَ وَيْلَكَ خِلْفَ مَنْ تَتَفَوَّقُ
- قَوْمٌ تَراهُمْ حينَ يَطْرُقُ مَعْشَرٌ
- يسمونَ للخطبِ الجليلِ فيطرِقُ
- قومٌ إذا اسودَّ الزمانُ توضحوا
- فيهِ فغُودِرَ وَهوَ مِنْهُمْ أَبلَقُ
- ما زالَ في جرمِ بن عمروٍ منهمُ
- مفتاحٌ بابٍ للندى لا يُغلقُ
- ما أنشئتْ للمكرمات سحابة ٌ
- إلا ومنْ أيديهمُ تتدفَّقُ
- أنظرْ فحيثُ ترى السيوفَ لوامعاً
- أَبَداً فَفَوْقَ رُؤُوسِهِم تَتَأَلَّقُ
- شوسٌ إذا خفقتْ عقابُ لوائِهمْ
- ظلَّتْ قلوبُ الموتِ منهمْ تخفقُ
- بُلْهٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيدَ حَسِبتَهُم
- لم يحسبوا أنَّ المنية َ تخلقُ
- قلْ ما بدا لك يا ابنَ ترنَا فالصَّدا
- بِمُهَذَّبِ العِقيانِ لا يَتَعَلَّقُ
- أَفَعِشْتَ حتَّى عِبْتَهم قُل لي مَتى
- فَرزِنتُ سُرْعَة َ ما أرَى يا بَيدَقُ
- جدعاً لأنفِ طيءٍ إنْ فتَّها
- وَلَوَأنَّ رُوحَك بالسماكَ مُعَلَّقُ
- إني أراكَ حلمتَ أنَّكَ سالمٌ
- مِنْ بَطْشِهِمْ ما كلُّ رُؤيا تَصْدُقُ
- إِيَّاكَ يَعني القائلونَ بِقَوْلِهِم
- إنَّ الشقيَّ بكلِّ حبلٍ يخنقُ
- سِر أَينَ شِئْتَ مِنَ البِلادِ فإِنَّ لي
- سوراً عليكَ من الرجالِ يخندقُ
- وقبيلة ً يدعُ المتوجُ خوفهمْ
- فكأنَّما الدنيا عليهِ مطبقُ
- وقَصائداً تَسْري إليكَ كأنَّها
- أَحلامُ رُعْبٍ أَوْ خُطُوبٌ طُرَّقُ
- من منهضاتكَ مقعداتِكَ خائفاً
- مستوهلاً حتى كأنَّكَ تطلِقُ
- مِنْ شاعِرٍ وقَفَ الكَلامُ بِبابهِ
- واكْتَنَّ في كَنَفي ذَرَاهُ المَنْطِقُ
- قدْ ثقفتْ منهُ الشآمُ وسهلتْ
- منه الحجازُ ورققتْهُ المشرِقُ
المزيد...
العصور الأدبيه