الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> جربيني!.. >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني
- وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
- ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ
- من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
- لا تقيسي على ملامحِ وجهي
- وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
- أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
- يتنافى ولونَ وجهي الحزين
- فبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني
- من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ
- وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين
- وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
- إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ
- طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
- فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ
- وشكٌّ مخامرٌ لليقين
- فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ
- خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني
- فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني
- وعدوى وراثةٍ تَزويني
- أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ
- والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين
- كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ
- ومن لذَّةٍ بها يزدهيني
- التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ
- عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين
- أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ "
- لحمي فيه .. ولا تُسلِميني
- وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي
- إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
- إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي ، وإنْ كانتْ
- حياةً مليئةً بالشُّجون
- أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ
- الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني
- إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر
- رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين
- أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً
- أدركيني ومن يديها خذيني
- ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً
- بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون
- حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني
- ولا الفجرُ باسماً يُغريني
- حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها
- ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون
- حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي
- بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني
- مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ
- ما بعدَه وما يُدريني
- وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً
- يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون
- فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ
- إذا ما طلَبتِني تجديني
- فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً
- فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين
- وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ
- غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني
- أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم
- ازدَدْتُ بَلةً في الطين
- بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ
- مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين
- ودعيني مُستعرضاً في جحيمي
- كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
- وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ
- القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون
- عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ "
- الزهاويُّ مقعداً عن يميني
- إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ
- عذْباً كقطرةٍ من مَعين
- وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ
- رُوحي وتستطيبي مُجوني
- تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ
- فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني
- مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ
- جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون
- إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني
- ودعي لي الخَيارَ في التعيين
- قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها
- أريني بداعةَ التكوين
- إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ
- أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
- كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ
- عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
- إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ
- احتضاناً ومثلَه دَّلليني
- وإذا ما سُئلتِ عني فقولي
- ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين
- لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا "
- شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
- أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما
- ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون
- غيرَ أني أرجو إذا ازدهتِ النفسُ
- وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني
- " اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً
- أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
- وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ
- لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
- ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ
- يوماً لساعةٍ مِن جنون
المزيد...
العصور الأدبيه