الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> الإقطاع... >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- ألا قُوَّةٌ تسطيعُ دفع المَظالِمِ
- وإنعاشَ مخلوقٍ على الذُّلِّ نائِمِ
- ألا أعينٌ تُلقى على الشَّعْبِ هاوياً
- إلى حَمْأةِ الإدقاعِ نظرةَ راحم
- وهَلْ ما يرجِّي المُصلحونَ يَرونهُ
- مواجَهَةً أمْ تلكَ أضغاثُ حالم
- تعالَتْ يدُ الاقطاعِ حتَّى تعطَّلَتْ
- عنِ البتِّ في احكامِها يدُ حاكم
- وحتَّى استبدَّتْ بالسَّوادِ زعانِفٌ
- إلى نَفْعِها تستاقُهُ كالبهائم
- إذا رُمْتُ أوصافاً تليقُ بحالةٍ
- تعرَّفْتُها ضاقَتْ بطونُ المعاجم
- ألا نستحي منْ أنْ يُقالَ بلادُهُمْ
- عليها مِنَ الإذلالِ ضربةُ لازم
- هي الأرضُ لم يَخْصُصُ لها اللهُ مالكاً
- يُصَرَّفُها مُسْتَهْتَراً في الجرائم
- ولم يَبْغِ منها أنْ يكونَ نَتاجُها
- شَقاوةَ مظلومٍ ونعمةَ ظالم
- عجِبتُ لخلْقٍ في المَغارِمِ رازِحٍ
- يُقدِّمُ ما تجني يداهُ لغانم
- وأنكا من هذا التغابُنِ قُرْحَةً
- غباوةُ مَخْدومٍ وفِطنةُ خادم
- وكمْ مِن خُمولٍ لاحَ في وجه متْرفٍ
- وكمْ من نبوغٍ شعَّ في عينِ عادِم
- لو اطَّلَعتْ عيناكَ أبصرتَ مأْتَماً
- أُقيمَ على الأحياءِ قبلَ المآتم
- وإلاّ فما هذا الشَّقاءُ مُسَيْطِراً
- لهُ في جباهِ القومِ مثلُ المياسم
- إذا أقبلََ " الشيخُ المُطاعُ "وخَلْفَهُ
- منَ الزارعين الأرضَ مِثْلُ السَّوائم!
- مِنَ المُزهَقي الأرواح يَصلي وجوهَهُمْ
- مَهَبُّ أعاصيرٍ ، ولفحُ سمائم
- قِياماً على أعتابهِ يُمطِرونها
- خُنوعاً وذُلّاً بالشّفاهِ اللواثم
- رأيتَ مثالاً ثَمَّ لابنِ ملائكٍ
- تَنَزَّلَ مِن عَليْائهِ وابنِ آدم!
- حَنايا مِنَ الأكواخِ تُلقي ظِلالَها
- على مِثْلِ جُبٍ باهتِ النُور قاتم
- تلوَّتْ سِياطٌ فوقَ ظهرِ مكرَّمٍ
- مِن اللُؤمِ مأخوذٍ بسوطِ الألائم
- وباتَتْ بطونٌ ساغِباتٌ على طَوىً
- وأُتخِمَت الأخرى بِطيبِ المطاعم
- أهذي رعايا أُمَّةٍ قد تهيَّأتْ
- لِتسْقَبْلَ الدُّنيا بعزمِ المُهاجم!؟
- أهذا سوادٌ يُبتغىَ لِمُلِمَّةٍ
- ونحتاجُهُ في المأزِق المتلاحِم ؟
- أهذي النفوسُ الخاوياتُ ضَراعةً
- نُباهي بها الأقرانَ يومَ التَّصادم؟
- أمِنْ ساعِدٍ رِخوٍ هَزيلٍ وكاهلٍ
- عجوزٍ نُريدُ المُلْكَ ثَبْتَ الدَّعائم!
- مِنَ الظلْمِ أنَّا نَطْلُبُ العزمَ صادقاً
- من الشعبِ منقوضَ القُوى والعزائم
- وأنْ نَنْشُدَ الاخلاصَ في تضحياتهِ
- ونحنُ تركناهُ ضحيَّةَ غاشم
- وأنْ نبتغي رِكضاً حَثيثاً لِغايةٍ
- نُحاوِلُها مِن راسِفٍ في أداهم
- لنا حاجةٌ عندَ السَّوادِ عظيمةٌ
- سنفقِدُها يومَ اشتدادِ الملاحِم
- هُناِلكَ لا تُجدي فتيلاً عِصابةٌ
- إذا جَدَّ خطبٌ فهي أوَّلُ راجم
- وإنَّ سواداً يحمِلُ الجَوْرَ مُكْرَهاً
- فقيرٌ لِهادٍ بَينِ النُصْحِ حازِم
- يَشُنُّ على الاقطاعِ حرباً مُبيدةً
- ولا يَختشي في الحقِّ لَوْمَةَ لائم
- يَمُدُّ يداً تُعطي الضّعافَ حُقوقَهُمْ
- ويَسْطو بأخرى باطشاً غيرَ راحم
- ويجتَثُّ إقطاعاً أقَرَّتْ جُذُورَهُ
- سياسةُ تفريقٍ وحَوْزُ مغانم
- سياسةُ إفقارٍ ، وتجويعُ أُمَّةٍ
- وتَسليطُ أفرادٍ جُناةٍ غَواشم
- لقد قُلْتُ لو أصغى إلى القولِ سامعٌ
- وما هوَ مِّني بالظُنونِ الرّواجم
- ألا إنَّ وضعاً لا يكونُ رفاهُهُ
- مُشاعاً على أفرادهِ غيرُ دائم
- أمبترِداتٌ بالخُمورِ تثلَّجَتْ
- وبالماءِ يَغلي بالعُطورِ الفواغِم
- ومُفترِشاتٌ فضلةً في زرائبٍ
- يُوَسّدُها ما حولَها مِن رَكائم
- أمِنْ كدحِ آلافٍ تفيضُ تَعاسةً
- يُمَتَّعُ فردٌ بالنعيمِ المُلازِم
- وما أنا بالهيَّابِ ثورةَ طامعٍ
- ولكنْ جِماعُ الأمرِ ثورةُ ناقم!
- فما الجوعُ بالأمرِ اليسيرِ احتمالُهُ
- ولا الظُلْمُ بالمرعى الهنيءِ لِطاعِم
- نَذيرَكَ مِن خَلْقٍ أُطيلَ امتهانُه
- وإنْ باتَ في شكلِ الضَّعيفِ المُسالم
- بلادٌ تردَّتْ في مهاوٍ سحيقةٍ
- وناءتْ بأحمالٍ ثِقالٍ قواصِم
- تَبيتُ على وعدٍ قريبٍ بفتنةٍ
- وتُضحي على قَرْنٍ من الشرِّ ناجم
- ولو عُولِجَ الاقطاعُ حُمَّ شِفاؤها
- ومَنْ لي بطَبٍّ بّينِ الحِذْقِ حاسم؟
- ولم أرَ فيما ندَّعي مِن حضارةٍ
- وما يَعتري أوضاعَنا مِن تلاؤم
- وها إن هذا الشَّعْبَ يَطوي جَناحَهُ
- على خَطَرٍ من سَورةِ اليأس داهم
- غداً يستفيقُ الحالمونَ إذا مَشَتْ
- رواعدُ من غضبابتهِ كالزمازم
المزيد...
العصور الأدبيه