الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> كمال خير بك >> نهر الغضب >>
قصائدكمال خير بك
- نهر من الدمع. أم نهر من الغضب؟
- من أيقظ الجرح في صدري وفي كتبي
- مرت قوافلكم في الليل فاختلجت
- أوتار حزني في أعماق مغتربي
- غنيتكم زمناً كان الغناء به
- يحلو، وتشتعل الدنيا على خطبي
- جاد الزمان ولم يبخل بنعمته
- فشاب صوتي وجرحي بعد لم يشب
- وغاب شعري عن أعراس ساحتكم
- لكن ناري لم تخمد ولم تغب
- اليوم أرجع والاجراس ساهرة
- بين المقابر، والانقاض، والخرب
- أعود نحوكم من بعد ما عبر
- قوافل الحزن والالام والغضب
- خمسون عاماً وما زالت جراحكم
- تسقي الرمال بلا شكوى ولا عتب
- خمسون عاماً. تكاد الارض تسألكم:
- لقد تعبت، أما تشكون من تعب؟
- هيا اقرأؤا دمكم، تعلو فصاحته
- على الخطابة والاشعار والادب
- أدعو الحجارة أن تصغي لضجته
- وتستفيق، فمن يسمع ومن يجب
- لبنان كنت لنا تصغي وتسمعنا
- وتعشق المطر الموعود في سحبي
- وكنت تعرف ان الخبز من جسدي
- والخمر من دمي، لا من سارق العنب
- لبنان أرزك محصود لعاشقه
- وعاشق الارز رب ثائر ونبي
- في القدس يصرخ: ان الصالبين أتوا
- ليصلبوا شعبي المعمود باللهب
- بالامس قالوا: غصون الارز قد رحلت
- لتستجير بجزار ومغتصب
- لبنان أرزك يأبى أن يقول: بلى
- للباحثين، لصلب القدس، عن خشب
- فالارز والنخل والزيتون عائلة
- مهما يكبر فيها ناكر النسب
- الارز والنخل والزيتون معتنق
- رغم العواصف والانواء و السحب
- والارز يعرف: لا مجد يظل له
- الا اذا ظل في بستانه العربي
- يا شعر مهلك! ها نفسي تذوب، وها
- أذني تحار، وأوهامي تغرر بي
- عن أي بستان مجد جئت تخبرني
- تكاد تدهشني من شدة العجب:
- بالامس قالوا: غصون الارز راحلة
- لتستجير بجزار ومغتصب
- واليوم قيل نخيل النيل قد ركعت
- قاماته السمر تحت الظلم والخطب
- وقيل لي: ان للباقين دورهم
- في رقصة العار، يا أمجادنا انتحبي
- كنا على الفقر تروينا كرامتنا
- واليوم نعطش في بئر من الذهب
- حاشا العروبة، في بستانها زهر
- يجدد الشجر المنذور للحطب
- في كل برعم زهر وعد عاصفة
- فالريح ان لامسته مرة يثب
- يا شعر مهلك ! هل تحتال ثانية
- على خيالي، كأني جاهل وغبي؟
- .. أما سمعت بأن الصفقة انعقدت
- وأن أرضي رهن العرض والطلب؟
- أما سمعت: لصوص الشعب قد سرقوا
- حتى التراب وما في الترب من عشب؟
- أما سمعت بأن البائعين أتوا
- ليقبضوا ثمن الاجراس والقبب؟؟
- يا قدس عفوك.. صك البيع مهزلة
- بلا رصيد سوى التهريج والكذب
- يا قدس عشاقك الاحرار ما سجدوا
- الا لاسمك رغم الدمع واللهب
- باعوا دماءهم كي يشتروا وطنا
- ولم يساوم لهم جرح ولم يخب
- هم مالك الارض لا السادات مالكها
- ولا سواه من الازلام واللعب
- فليذهبوا.. صفقة الاذلال باطلة
- وليرقصوا كيفما شاؤوا من الطرب
- حسابنا مقبل: والليل مملكة
- للخائفين على التيجان والرتب
- يأتي الصباح.. وندري كيف نقطعها
- يد الموقع باسم الشعب والعرب
المزيد...
العصور الأدبيه