الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي محمود طه >> رجوع الهارب >>
قصائدعلي محمود طه
- قرّبت للنور المشع عيوني
- و رفعت للّهب الأحمّ جبيني
- و مشيت في الوادي يمزّق صخره
- قدمي، و تدمي الشّائكات يميني
- و عدوت نحو الماء و هو مقاربي
- فنأى و ردّ إلى السراب ظنوني
- و بدت لعيني في السّماء غمامة
- فوقفت، فارتدّت هنالك دوني
- و أصخت للنسمات و هي هوازج
- فسمعت قصف العاصف المجنون
- يا صبح : ما للشّمس غير مضيئة
- يا ليل : ما للنّجم غير مبين؟
- يا نار : ما للنار بين جوانحي
- يا نور : أين النّور ملء جفوني؟
- ذهب الّهار بحيرتي و كآبتي
- و أتى المساء بأدمعي و شجوني
- حتى الطّبيعة أعرضت و تصاممت
- و تنكّرت للهارب المسكين !!
- ***
- أن لم يكن لي من حنانك موئل
- فلمن أبثّ ضراعتي و حنيني؟
- آثرت لي عيش الأسير فلم أطق
- صبرا و جنّ من الأسار جنوني
- فأعدتني طلق الجناح و خلت بي
- للنّور جنّة عاشق مفتون
- ة أشرت لي نحو السّماء فلم أطر
- ورددت عين الطائر المسجون
- نسي السّماء و بات يجهل عالما
- ألقى الحجاب عليه أسر سنين
- و لقد مضى عهد التّنقل و انتهى
- زمني إليك بصبوتي و فتوني
- لم ألق بعدك ما يشوق نواظري
- عند الرّياض ، فليس ما يصبيني
- فهتفت أستوحي قديم ملاحني
- فتهدّجت و تعثّرت بأنيني
- و نزلت أستذري الظلال فعقّني
- حتّى الغصون غدون غير غصون
- فرجعت للوكر القديم و بي أسى
- يطغى عليّ و ذلة تعروني
- لما رأته غرورقت عيناي من
- ألم ، و ضجّ القلب بعد سكون
- و مضت بي الذّكرى فرحت مكذبا
- عيني ، و متّهما لديه يقيني
- و صحوت من خبل و بي مما أرى
- إطراق مكتئب و صمت حزين
- فافتح لي الباب الذي أغلقته
- دوني ، و هات القيد غير ضنين
- دعني أروّ القلب من خمر الرّضى
- و أنم على فجر الحنان عيوني
- و أعد إلى أسر الصّبابة هاربا
- قد آب من سفر اللّيالي الجون
- عاف الحياة على نواك طليقة
- و أتاك ينشدها بعين سجين !!
المزيد...
العصور الأدبيه