الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي محمود طه >> إلى البحر >>
قصائدعلي محمود طه
- قف من اللّيل مصفيا و العباب
- و تأمل في الزبدات الغضاب
- صاعدات تلوك في شدقها الصّخر
- و ترمي به صدور الشّعاب
- هابطات تئنّ في قبضة الرّ
- يح و ترغي على الصّخور الصّلاب
- ذلك البحر: هل تشاهد فيه
- غير ليل من وحشة و اكتئاب؟
- ظلمات من فوقها ظلمات
- تترامى بالمائج الصّخاب
- لا ترى تحتهّن غير وجود
- من عباب و عالم من ضباب
- أيّها البحر كيف تنجو من اللّيـ
- ـل؟ و أين المنجى بتلك الرّحاب
- هو بحرّ أطمّ لجّا، و أطغى
- منك موجا في جيئة و ذهاب
- أو ما تبصر الكواكب غرقى
- في دياجه كاسفات خوابي؟
- و ترى الأرض في نواحيه حيرى
- تسأل السّحب عن وميض شهاب
- ويك يا بحر ما أنينك في اللّيـ
- ـل أنين المرّوع الهيّاب
- إمض حتّى ترى المدائن غرقى
- و ترى الكون زخرة من عباب
- إمض عبر السّماء و اطغ على الأفـ
- ـلاك و اغمر في الجوّ مسرى العقاب
- ذالك أو يهتك الظّلام دياجيـ
- ـه و ينضو ذاك السّواد الكابي
- و ترى الشّمس في مياهك تلقي
- خالص التّبر و اللّجين المذاب
- أقبل الفجر في شفوف رقاق
- يتهادى في منظر خلاّب
- خلل من وشائع النّور زهر
- يتماوجن في حواشي السّحاب
- و إذا الشّاطئ الضّحوك تغنّى
- حوله الطّير بالأغاني العذاب
- و نسيم الصّباح يعبث بالغا
- ب و يثني ذوائب الأعشاب
- و من الشّمس جمرة في ثنايا الـ
- ـموج يذكو ضرامها غير خابي
- و من البحر جانب مطئنّ
- قزحيّ الأديم غضّ الإهاب
- نزلت فيه تستحمّ عذارى الضّـ
- ـوء من كلّ بضّة و كعاب
- عاريات يسبحن في اليمّ لكن
- لفّها الرّغو في رقيق الثّياب
- خفرات من الأشعة خوذ
- نسّقتها أنامل الأرباب
- فإذا البحر يرقص الموج فيه
- و إذا الطير صدّح الرّوابي
- راقصات الأمواجعلّمن قلبي
- رقصات المغرّد المطراب
- و أفيضي عليه من سلسل الوحـ
- ـي نميرا كالجدول المنساب
- و استثيري عواطفي و دعيني
- أسمع البحر أغنيات الشّباب
- لي وراء الأمواج يا بحر قلب
- نازح الدّار ماله من مآب
- نزعته منّي اللّيالي فأمسى
- و هو ملقى في وحشة و اغتراب
- ذكريات تدني القصيّ و لكن
- أيم مني منازل الأحباب
- أنا و حدي هيمان في لجّك الطّا
- مي غريق في حيرتي و ارتيابي
- أرمق الشاطئ البعيد بعين
- عكفت في الدّجى على التّسكاب
- فسواء في مسمعي من ذراه
- صدحه الطّير أو نعيق الغراب
- و سواء في العين شارقة الفجـ
- ـر أو اللّيل أسود الجلباب
- بيد انّي أحسّ فيك شفاء
- من سقامي و رحمة من عذابي
- أنت مهد الميلاد و الموت يا بحر
- و مثوى الهموم و الأوصاب
- فأنا فيك أطرح الآن آلا
- مي و عبء الحياة و الأحقاب
المزيد...
العصور الأدبيه