قصائدعلي محمود طه



بين الشرق و الغرب
علي محمود طه



  • مسراك نور و أنسام و أنداؤ

  • فاخفق شراعي ، و طر ، يصدح لك الماء

  • يا أيها القلق الحيران كم أمل

  • تشدو به موجة في بحر العذراء

  • يحدوك بالنّغم السّكران أرغنها

  • في مسبح ماؤه زهر و صهباء

  • أما ترى البحر يبدو في مفاتنه

  • لكلّ جبّ جديد فيه أجواء ؟

  • و فجره صائد طارت بمهجته

  • حوريّة في فجاج اليمّ شقراء ؟

  • و ليله مرقص تغشاه غانية

  • في مطرف أسود وشّاه لألاء ؟

  • شتّى مواكب من روح و آلهة

  • لها التّفات إلى الماضي و إصغاء

  • تهرّها بقديم الشّوق أشرعة

  • مرنّحات تغنّهن أنواء

  • يقودهنّ على الأمواج في مرح

  • ملاخ واد له بالتّيه إغراء

  • ما بين عينيه سال البرق مبتسما

  • و استضخكت قلبه مزن و هوجاء

  • زوته عنها السّنون السّبع و اختلفت

  • عليه من بعدها نعمى و بأساء

  • مغرّبا في ديار من عشيرته

  • بها الأحبّة حسّاد و أعداء

  • و قيل كفّته عن دنيا شوارده

  • بيضاء من شعرات الرّأس غرّاء

  • لا يا غرامي ، و هذا الفنّ ملء دمي

  • بالنّار و الصّبوات الحمر مشّاء

  • ما أفلتت من يدي غيداء عاصية

  • إلا و عادت إليها و هي سمحاء

  • و ذاك شاطئنا المسحور تزحمه

  • من ذكرياتك أطياف و أصداء

  • على الصّخور الحواني من مشارفه

  • ربّات وحي ، و أشواق ، و أهواء

  • أقمن منتظرات ، ما شكون ضنى

  • و قد تعاقب إصباح و إمساء

  • حتّى رأتني على بعد مطوّقة

  • مجروحة الصّوت ، و لهى اللّحن ، سجواء

  • همّت تغنّي فكانت نبأة و صدى

  • صحت لوقعهما دوح و أفياء :

  • عرائس الشّعر قد عاد الحبيب ، و في

  • عينيه سهد و تعذيب و إضناء

  • آب المغامر من دنيا متاعبه

  • أما له راحة منها و إغفاء ؟

  • دعيه يحلم بأنّ البحر في دعة

  • و الرّيح ناعمة ، و الأرض قمراء

  • و انها في ظلال السّلم نائمة

  • و أنّها جنّة للحبّ غنّاء

  • و قرّبي كأسه و اصغي لمزهره

  • يسمعك أشجى نشيد زفّه الماء

  • ***

  • و قيل لبنان سحر الشرق ، فاندفعت

  • سفينة و هفت بالشّوق دأماء

  • أوحى له الشّرق أنّا من أحبّته

  • و أنّنا في الهوى أهل أودّاء

  • فقرّبتنا و شفّت عن بشاشته

  • به قرى كربوع الخلد شجراء

  • في كلّ منحدر منها و مرتفع

  • مسحورة النّبع ، ريّا النّبت ، جلواء

  • فعلّقت بمغانيه نواظرنا

  • و قبّلت نسمات الأرز حوباء

  • و استقبلتنا الطّيور في مناقرها

  • شدو ، و زيتونة للشّرق خضراء

  • ترقّص الموج إذا مسّته أجنحها

  • كقلب آدم إذ مسّته حواء

  • في ساحل من خرافات و أخيلة

  • بهنّ لبنان روّاح و غدّاء

  • لاحت على سفحه بيروت فاتنة

  • صبيّة و هي مثل الدّهر شمطاء

  • توسّدت صخرة الآباد و التفتت

  • ترعى سفائن من راحوا و من جاؤوا

  • أتلك بيروت ؟ أم بابل صور

  • معلقات ، لها بالسّحر إيحاء !

  • شغل العباقرة الشادين من قدم

  • مجددين لهم في المجد أسماء

  • و أومأت بالهوى عاليّ فاعتنقت

  • من حولنا ثمّ أظلال و أضواء

  • قامت تنسّق من ماء و من شجر

  • فكلّ ناحية زهر و أجناء

  • كأنّما نبّئت من عشتروت لقا

  • فازيّنت فهي سيقان و أثداء

  • تقول : يا ربّة الحسن انظري و صفي:

  • أفوق واديك مثلى اليوم حسناء ؟

  • عاليّ ، رفقا بأبصار مدلّهة

  • لها إلى الحسن بالألباب إفضاء

  • عاليّ ، إنّا نشاوى من هوى و أسبى

  • إنّا محبّون ، يا عاليّ ، أنضاء

  • و حان بعد وداع من فرادسها

  • و قد حرت بخطى الشّمس المليساء

  • فاغرورقت بدموع الوجد أعيننا

  • و أشفقت من وجيب القلب أحناء

  • و سار عنها شراع حائر قلق

  • له إلى الغرب بالأسفار إيماء

  • ***

  • يل بحر ما بك ؟ هل مسّتك عاصفة

  • أم استخفّك إزباد و إرغاء ؟

  • أشاقك الغرب أم شفّتك موجدة

  • لما خبت من ربوع الشّرق أسناء ؟

  • هذي السّماء صفاء ، و الدّجى قمر

  • للحسن فيه و للعشّاق ما شاؤا

  • يا بحر ما بك ما بي! مصر ما بعدت

  • ولي إليها بهذا الشّعر إسراء

  • عجبت و العصر حرّا كيف في يديها

  • هذا الحديد له حزّ و إدماء !

  • أقسمت لا رجعت بي فيك جارية

  • إن لم تجئ عن جلاء القوم أبناء

  • و أنّ مصر بحريّاتها ظفرت

  • فأهلها اليوم أحرار أعزّاء

  • أقسمت ، إلاّ إذا نادت بقتياها

  • فهبّ مستقتل عندها و فداء



أعمال أخرى علي محمود طه



المزيد...

العصور الأدبيه

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر

العثور على مومياء بلسان ذهبي في مصر



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط