الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> علي الفزاني >> الطوفان آت >>
قصائدعلي الفزاني
- قلت عودي، لم تعدلي، سرقت إغفاء قلبي، أيقظتني
- جسداً أنهكه الحزن ضريراً، ثم غابت كل عين، في سواد القهر، غلبت
- فكلانا صار أعمى،
- سرتُ ليلاً باحثاً عنها فآهٍِ
- لم تكُ فاطمةُ (1) مرَّت، قال رمسيس "مجاناً"
- ربما جاءت على ألواح نهر، واحتواها سائح جاسوس
- فالأعداء فينا من فجاج البحر، منها يمرقون
- ***
- عندما ولّيتُ وجهي نحو "بيت النمل" قالت، أم قنديل صباحاً
- ركبت فاطمة القطر، توارت وأنا ناديت عودي
- أنت حَبلى، وغريب الدّار عندي، يحمل الغفران صكاً
- بصقت حمقاء، كانت لا تبالي
- فهنا المرأة تعطى الطرقات السُّود طفلاً، يقتل الهكسوس
- ما تعطى مجاناً، مذ توارى الفارس المغبون عنّا، رجع الفلاح عبداً
- زاحفاً في الحقل يخفي عورة العصر حياءً
- يحل الرافض حياً يعدم الاحراء ليلاً
- ويبيع الشعراء القيح جهراً للملوك
- ***
- أم قنديل تقول:
- ألف منديل لديها ولقيطْ
- فتحت صندوقها ألقت على كف غريب ثوب عذراء وصورة
- وعدتني بليالي الأنس إن أمطرت تبغاً ونقوداً ثمن الأفيون
- يكفي ملكات الليل آهٍ ألف آهٍ
- صوت فيروز يغني القدس وعداً، ونزار الشَّاعر المطعون يرنو من ثقوب الدار
- عيني شرقت دمعاً صديدً
- يومها لاحت بلادي كملاذ ومعاد
- لاح "غيلان (2) على الصفحات شبلاً" ،
- سوف اسري اقفل الأبواب حتى يرجع الطُّوفان غدراً
- وترى سيناء بكراً وهي بكر، وجنيناً عربياً، مثل أحداق بحيرات
- الأماني خسر التاج اللاّلي في بلادي
- وتهاوت نزعات الجبروت
- ***
- خلفي القواد يجري،
- " يشحذ" التبع يمنى عاشق الرفض تعال
- وتنادي على الجسر اثيمة –
- وعلى الكف حقيبة
- ***
- آه ماذا ؟؟
- ربما فاطمُ اضحت من نبات هجمىٍّ
- ربما كانت رماها قدر الأجيال، أرست سُفنُ الموتى،
- على الدرب فتاهت، منها في الحواري، لم تعد تعرف وجهي،
- أدمنت فاطمة العَهر وغابتْ،
- نسيت جلساتنا في الشرفات البيض فرحي في ضحى "بولاق"
- عدنا للطفولة –
- ***
- ربما فاطمة قد حسبتني جئت ابغي لحظة حمراء، فرَّت
- حين وافيت المحطة
- اوقفتني شرطة الجسر وقالوا اين تمضي، كان
- عندي بعض صفحات بطاقة
- قرأوها نورس الصحراء هذا ما الذي ألقاك آهٍ
- اصدقائي، طال بحثي في عيون الجيل جرياً، طال بحثي
- مدن تلفظ قلبي وشوارع،
- فافهموني انها فاطمة السمراء ضاعت، حملوها، وقعت في الفخ ليلاً
- كان سيفي توابيت حزيران، وكانت تشبه "البلجاء" فكراً
- بعدها فاطمة السمراء ماتت، ثم عادت، في حروفي
- ثورة هوجاء صارت، ألف بركان
- محيق
- ***
- قلت ماذا ؟ ربما صارت ببيروت عروساً
- ربما النخّاس أغراها بقصر، فاشتراها بنقود النفط "وعل"
- اصدقائي كنت رقماً في دنى بيروت امشي
- والمخانيث ورائي
- شارع الحمراء خلفي ودم "غسان" على ارصفة الأسواق باقٍ
- من يغني لخيام الفقراء لحناً دموياً
- من يغني؟ من يغني؟ كنت ادري أم قنديل كتاب
- عرك الدنيا طويلاً، لم ازل بعدُ صبياً أقرأ الاعلان سراً في بلادي
- حرموني نعمة الرؤيا بشعري شرّدوني
- اترامي من بلاد لبلاد
- بحَّ صوتي لم تجب قحطان آهً احمليني من مطار لمطار
- ربما فاطمة السمراء كانت في آثينا عبر "سوهو"
- من رآها في يديها وصمة العار و
- اوهام الجزيرة
- ***
- لم تكن حواء
- لم تكن هيفاء
- افهموني طعنة السكين في العنق وفي الخصر فما عدتُ
- صبياً لم تكن بلقيس كانت مثل خنساء مناحات كثارْ
- رسمتها في ميادين القتال
- ***
- الف جيل، قد فقدنا، وشنقنا، في ذرى بغداد قسراً،
- حاجت المنصور في الحمراء الغى اسمها من كتب التاريخ عادت
- ظهر تشرين وغابتْ
- فخّذوها طعنوها
- واختفت خلف ممرَّات السويس
- ***
- الجنوبي يغني من بعيد
- وعلى الأعمدة السوداء يفنى كل يوم
- سئم الرفض "فصران" (3) تناست عاشقيها والبذار
- ربما فاطمة السمراء عادت موسم الفقدان هذا غابة الأرز تنادي
- زمهريراً همجياًَ
- عين "انكيدو" (4) ترى الجولان والطوفان آتٍ
- فلماذا ؟؟
- فلماذا يا "أبا القرنين" لم تصنع سفينية ؟؟
- ولماذا من عظام
- الميتين
- -------------
- القاهرة – أبريل
- 1974
المزيد...
العصور الأدبيه